السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«ظاهرة المونديال» تثير التساؤلات.. كأس العالم للمدرب الوطني فقط

وليد الركراكي
16 ديسمبر 2022 01:16

علي معالي ومعتصم عبدالله (دبي)

ظاهرة ربما تكون فريدة في لعبة رياضية، بأن يكون المدرب الوطني فقط هو صاحب التتويج بلقب كأس العالم في كرة القدم، منذ الانطلاقة الأولى 1930، وحتى المحطة الأخيرة في 2022 المقامة حالياً، حيث لم يتمكن أي مدرب أجنبي من الفوز بأي من ألقاب بطولة كأس العالم على مدار تاريخها الطويل، وحضرت هذه القاعدة في الحدث العالمي الكبير لتقول إن من يتوج بالمونديال هم مدربون وطنيون فقط.
«الاتحاد» تفتح هذا الملف، مع عدد من البلدان العربية والأجنبية من الإمارات ومصر وسوريا والعراق وتونس والسودان والمغرب، في ظل الطفرة التي حدثت على المستوى العربي مؤخراً، بما حققه وليد الركراكي مدرب منتخب المغرب والطفرة الرائعة التي تضع المدرب العربي في مصاف المدربين الكبار، وما حققه الركراكي بالتأكيد سوف يجعل العيون والعقول تتجه صوب المدرب العربي، على أمل أن يتم استغلال عاطفة وإحساس المدرب الوطني باللاعبين والجماهير أكبر بكثير بالطبع من المدرب الأجنبي.
التاريخ المونديالي يقول بأنه منذ انطلاقة أول نسخة 1930 مع منتخب أوروجواي في البطولة التي جرت على أرضه مع المدرب الوطني ألبرتو هوراثيو سوبيتشي، وهو ما كرره مواطنه خوان لوبيز فونتانا في نسخة 1950، وحتى آخر النسخ عام 2018 التي توج بها الفرنسي ديدييه ديشامب مع منتخب بلاده في البطولة التي جرت بروسيا، ويستمر ذلك في النسخة الحالية 2022 في قطر بأن المتوج في النهاية هو المدرب المواطن بوصول الأرجنتين وفرنسا بمدربين وطنيين.

في مونديال 2022، نجح المدرب الوطني في ترسيخ هذه الظاهرة، وكان منتخب البرازيل قد فاز باللقب العالمي خمس مرات وكلها بقيادة مدرب وطني أعوام: 1958 مع فيسنتي فيولا، و1962 بقيادة أيموري موريرا، و1970 تحت إمرة ماريو زاجالو، ثم 1994 مع كارلوس ألبرتو بيريرا، و2002 في ولاية المدرب لويس فيليبي سكولاري.
كما فازت الماكينات الألمانية باللقب 4 مرات تحت قيادة مدربين وطنيين هم: سيب هيربرجر (1954)، وهيلموت شون (1974)، وفرانتس بكنباور (1990)، ويواكيم لوف (2014)، وحققت إيطاليا اللقب 4 مرات مع مدربين وطنيين، حيث قاد فيتوريو بوتسو «الأزوري» للقبين متتاليين في نسختي 1934 و1938، قبل أن يغيب لفترة ويعود لمنصة التتويج عام 1982 مع إنزو بيرزوت، ثم 2006 مع مارتشيلو ليبي.
وفازت الأرجنتين باللقب مرتين، الأولى نسخة 1978 تحت قيادة سيزار مينوتي، ثم 1986 مع كارلوس بيلاردو.
وبنفس الرقم فازت فرنسا باللقب، الأول 1998 مع المدرب الوطني إيمي جاكيه، ثم كرر ديدييه ديشامب الفوز في 2018، واكتملت قائمة المدربين المتوجين بالكأس المونديالية «التي أقيمت بطولتها في 21 نسخة» بخلاف النسخة الحالية التي تحمل الرقم 22، بكل من: الإنجليزي ألف رامسي مع منتخب بلاده عام 1966، والإسباني فيسنتي ديل بوسكي مع «الماتادور» في 2010.
وعلى مدار تاريخ البطولة هناك ثلاثة فقط فازوا باللقب كلاعبين ومدربين وهم: البرازيلي زاحالو «لاعباً في 1958 و1962، ومدرباً 1970»، والألماني بكنباور «لاعباً 1974، ومدرباً 1990»، والفرنسي ديدييه ديشامب «لاعباً 1998، ومدرباً 2018».
من جانبه، أطلق وليد الركراكي «47 عاماً» مدرب منتخب المغرب تصريحات قوية لصحيفة «ذي أثليتيك» الإنجليزية قال فيها:«لماذا لا تعتمد الأندية الأوروبية علي مدربين عرب؟»، وتابع قائلاً: «ربما تكون قضية ثقافية، واليوم، أعتقد أنه من المستحيل على الأندية العالمية أن تتخذ قراراً بالاعتماد على مدرب عربي، وهم لا يفكرون في ذلك مطلقاً، كما لو أننا لا نستحق الاهتمام، لأننا غير قادرين على مثل هذه المهمة، ومع ذلك هناك أوقات في التاريخ تجعل الناس يغيرون رأيهم. والأمر متروك لنا، نحن الأفارقة والعرب، لتغيير التاريخ ويمكن أن يحدث ذلك».

لم يكتف الركراكي بمناشدته وزاد: «أنا مدرب منذ عشر سنوات، لم ينظر لي أحد. لا، من المستحيل، ليس لديه خبرة، البحث عن شخص آخر. انظروا أين انتهينا..!».
ويرى عبدالله حسن، محاضر المدربين بالاتحاد الآسيوي، أن كرة القدم لغة عالمية، وكل اتحاد يبحث عن كيفية تحقيق أهدافه سواء باللاعب الوطني أو الأجنبي، وهناك فوارق وتجارب مختلفة في مجال الكرة من خلال منهجية التعليم والمستويات العالية بها.
قال عبدالله حسن: «ما يحدث في المونديال الحالي أو على مدار البطولات السابقة من سطوة المدرب الوطني على الألقاب لا اعتبرها ظاهرة، حيث إن الكثير من دول العالم لديها تقليد في المدير الفني للمنتخبات باعتبارها وظيفة وطنية بالدرجة الأولى، ولا يحبذون استقدام مدرب من خارج الدولة، إلا في حالات استثنائية مثلما نشاهد مثلاً في بلجيكا».
أضاف: «المدرب الوطني هو الأقرب إلى عقلية اللاعبين، لذلك شاهدنا المنتخبات العالمية تتألق، خاصة أن لديها مدربين على مستوى عالمي مثلما هو الحال في البرازيل وألمانيا وانجلترا وفرنسا مثلاً، وهم كفاءات عالية».
وتابع: «في شمال أفريقيا، مصر وتونس والمغرب والجزائر هناك كفاءات تدريبية وطنية عالية المستوى واستطاعوا من خلال قيادة المنتخب تحقيق إنجازات قارية كبيرة، بل والوصول كذلك إلى نهائيات كأس العالم، ونذكر منهم حسن شحاته، وسبقه الراحل محمود الجوهري، وهم بالتالي يعرفون كيفية التعامل مع اللاعبين، وقيادة المنتخب في المحافل الدولية تحتاج إلى خبرة ميدانية كبيرة وكأس العالم محفل كبير يحتاج إلى خبرة كبيرة».
وقال: «الاتحادات الوطنية تقوم بعمل الدورات الخاصة بالمدربين، ولكن ليس دورها البحث للمدربين الوطنيين عن فرص عمل، ولكن المدرب نفسه كمحترف هو المسؤول عن نفسه وأن يطور نفسه ويجتهد في تقديم نفسه بالشكل المناسب، فالاتحاد دوره إيجاد سبيل في مجال التدريب من خلال الدورات».

علي ماهر: الجوهري وشحاته نموذج للمدرب الناجح
كشف علي ماهر المدير الفني لفريق فيوتشر، «أحد فرق الدوري الممتاز المصري»، عن أن المدرب الوطني هو الأقرب لأحاسيس اللاعب والجمهور، وقال: «في مصر تحديداً، الإنجازات الرياضية الكبرى تحققت مع المدرب الوطني سواء الراحل محمود الجوهري، الذي أعاد مصر بالتواجد في المونديال 1990، أو على المستوى القاري أيضاً من خلال حسن شحاته، الذي حقق كأس أمم أفريقيا 3 مرات متتالية 206، 2008، 2010، وهو ما لم يحققه أي مدرب بالقارة، وصعد بالمنتخب المصري إلى المركز التاسع في تصنيف الاتحاد الدولي، ليس هذا فحسب، بل تم تصنيفه كأفضل مدرب في أفريقيا 2010 واختياره ضمن أفضل 5 مدرّبين في تاريخ القارة الأفريقية».
وانتقل علي ماهر إلى دور الاتحادات الوطنية في تهيئة المدربين قائلاً: «لابد أن يضع عينه على المدرب المناسب ويسانده ويقوم بتطويرهم، من خلال دورات خارجية ومعايشة تساهم في الارتقاء بالمدربين، ولن تجد أكثر حرصاً على منتخب بلده من المدرب الوطني وهو ما لمسناه في العديد من المدربين المصريين في الأحداث الرياضية السابقة، وما نشاهده حالياً مع منتخب المغرب مع وليد الركراكي».
وفي الجانب الآخر قال علي ماهر: «هناك دور مهم آخر يقع على المدرب نفسه، إذا لم يهتم ويجتهد، فلن يستطيع الوصول إلى ما يريده في ظل الوضع الحالي العالمي، الذي يشهد نقلات نوعية كبيرة وسريعة في عالم التدريب، ولابد من التعرف على أحدث الأفكار التدريبية وقراءة الكثير من المدارس المختلفة ليختار ما يتناسب مع لاعبيه والفرق التي يواجهها».
وأشار علي ماهر إلى أن هناك اتحادات عربية ومنها الاتحاد المصري مثلاً يتواجد بين صفوفه عدد من لاعبي الكرة القدامى، وبالتالي عليهم دور مهم لدعم فكرة المدرب الوطني بدلاً من الأجنبي الذي يبحث في النهاية عن مصلحته فقط.

فجر إبراهيم: التعامل النفسي والذهني
يرى فجر إبراهيم مدرب منتخب سوريا السابق، أن المدرب الوطني هو الأقرب والأقدر على التعامل مع اللاعبين، خاصة من النواحي النفسية والذهنية التي هي الأساس حالياً في لعبة كرة القدم.
وقال: «الفريق الذي يمتلك ثباتاً ذهنياً قادراً على التحكم بالعواطف أقرب للفوز والمدرب الوطني الأنسب في الوصول بهذه الأمور من غيره من الجنسيات الأخرى، وبالتالي نجحت المنتخبات العالمية الكبيرة في الفوز بلقب المونديال، وبالتالي يجب أن نؤمن أننا نمتلك مدربين وعلينا أن نعزز الثقة عندهم ومساندتهم ومساعدتهم على النجاح».
أضاف: «التعليم الجيد للمدرب الوطني أمر مهم للغاية، حيث إن كرة القدم تتطور بشكل متسارع، ويجب أن يكون التعليم مواكباً لهذا التطور مع الاهتمام المناسب بالمدربين الناجحين والموهوبين، وكذلك الإيمان بقدراته ومساعدته وتحفيزه على النجاح والاستمرار في تطويره».
ونوه فجر إبراهيم إلى أنه لابد من منح المدرب الوطني الفرصة الكاملة، والصبر عليه للحصول على النتائج في المستقبل وأن يكون التقييم له مستنداً على أسس علمية وليس على رأي أشخاص غير متخصصين.
وأشار فجر إلى ضرورة وجود إدارة واعية وقادرة على التطوير، تستطيع أن تختار المدرب المؤهل القادر على النجاح.

برهان تية: حان الوقت لتغيير «النظرة السلبية»
قال برهان تية مدرب المنتخب الوطني السوداني لكرة القدم: إن الاتحادات الرياضية العربية يجب أن تبادر إلى تغيير النظرة «السلبية» نحو المدرب الوطني، وتمنحه الفرصة لتحمل المسؤولية، أسوة بما يحصل عليه نظيره الأجنبي، لاسيما أن مجموعة كبيرة من المدربين الوطنيين على مستوى الوطن العربي باتوا أمام أفضل مرحلة من التأهيل العلمي والمهني، الذي يمكنهم من مواجهة التحديات المرتبطة بتدريب المنتخبات الوطنية.
وأوضح تية أن الأمر على علاقة مباشرة باستراتيجية الاتحادات الرياضية، ورؤيتها التي تستشرف مستقبل المنتخبات الوطنية، بجانب الضغوط التي تمارسها بعض وسائل الإعلام لجهة الدفع بالتعاقد مع المدربين الأجانب، مضيفاً أن الشيء المهم على الجميع تذكره هو أن أي مدرب وطني يصل إلى مرحلة الترشيح لقيادة منتخب بلده هو قادر على أداء هذه المهمة.
وأضاف: «يجب أن تكون التجارب التاريخية دافعاً جيداً للجميع، ونظرة سريعة على واقع المدرب الوطني في كأس العالم كفيلة بأن تضع المدرب المواطن أمام الخيارات المطلوبة، فقد تحقق اللقب في 21 نسخة سابقة بوجود مدربين وطنيين، وحتى في المونديال الحالي شهدنا وجود 15 منتخباً في دور الـ 16 بمدرب وطني، بالإضافة إلى التجربة الملهمة للمدرب المغربي وليد الركراكي، ولأجل ذلك يجب أن نضع هذه المعطيات في تقديرنا حتى نقدم تجارب جديدة جديرة بالاحترام والاهتمام».وأشار تية إلى أهمية مراعاة التأثيرات الأخرى المرتبطة بالثقافة والعادات والتقاليد واللغة والعوامل النفسية، وحتى على مستوى التعامل بين المدرب الوطني واللاعبين، والتصدي للتحديات التي تحدث على مستوى الميدان، وغيرها من التفاصيل الأخرى، وهو ما يعزز أهمية وجوده، بالإضافة إلى ضرورة الحرص على تأهيله بتصميم برامج تطويرية من خلال أفضل الممارسات العالمية حتى تكون المخرجات بمستوى التوقعات.

اقرأ أيضاً: 86% من مدربي كأس العالم بالصبغة الوطنية

الأصغر والأكبر
يعتبر ألبرتو سوبيتشي هو أصغر المدربين سناً عندما فاز بكأس العالم (31 عاماً) حيث كان يبلغ من العمر 31 عام 1930، وكان ماريو زاجالو وسيزار لويس مينوتي في الثلاثينيات من عمرهما عندما فازا بكأس العالم.
زاجالو (38 عاماً) في 1970 ومينوتي (39 عاماً) في 1978.
وكان ديل بوسكي أكبر المدربين سناً يفوز بكأس العالم مع منتخب إسبانيا (59 عاما) في 2010.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©