يحتفل العالم اليوم، التاسع من ديسمبر، بـ«اليوم الدولي لمكافحة الفساد». ولا شك في أن الفساد يمثّل داءً عُضالاً ينخر في جسد الدول والشعوب، ويحول بينها وبين تحقيق تطلعاتها إلى التنمية والحياة الكريمة. وتقدّر الأمم المتحدة أن الفساد والرشوة والتهرب الضريبي تكلّفان البلدان النامية قرابة 1.26 تريليون دولار أميركي سنوياً.

وبناءً على ما سبق، فمن الضروري التنبيه إلى ضرورة مكافحة هذه الآفة وحصارها، وتكثيف الجهود الدولية والإقليمية من أجل تقليص حجمها وحماية الدول والمجتمعات من مآلاتها، إذ يمثّل الفساد- بما يترتب عليه من الدمار الاقتصادي وهروب الاستثمارات وتعطيل خطط التنمية وإهدار الموارد وحرمان قطاعات مهمّة، مثل الصحة والتعليم والخدمات العامة، من التمويل الضروري- عاملاً مهماً من عوامل تفكّك المجتمعات، وتقويض سلامتها واستقرارها الداخلي. وبالقدر نفسه، فإنه يخلق بيئة أكثر ملاءمة لانتشار الأزمات السياسية العابرة للحدود، وإذكاء الصراعات بين الدول والشعوب. ويمكن لأي مراقب أن يرى أن دولة الإمارات تكثّف جهودها من أجل دعم جهود مكافحة الفساد داخليّاً وخارجيّاً.

فعلى المستوى الداخلي، نجحت الدولة في مواجهة الفساد بحزمٍ، باستخدام أفضل الوسائل، وتطبيق أفضل الممارسات المتّبعة عالمياً، وهو ما تُرجم عمليّاً في احتلالها المركز الأول إقليمياً، والحادي والعشرين عالمياً، من بين 180 دولة، في «مؤشر مُدركات الفساد لعام 2020»، الذي يصدُر سنوياًعن «منظمة الشفافية الدولية».

ويعكس هذا المركز المتقدّم نجاعة جهود الدولة في كبح الفساد والسيطرة عليه، ليكون ذلك أحد العوامل التي يرتكز إليها نجاحها الاقتصادي المتميز. وعلى المستوى الخارجي، أسهمت دولة الإمارات بدور رئيسي في الجهود الأممية لمكافحة الفساد.

وفي نموذج قريب، قدَّمت الدولة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، «مشروعَ الإعلان السياسي لمنع ومكافحة الفساد وتعزيز التعاون الدولي»، وذلك خلال أعمال دورة استثنائية ركزت على موضوعات إنقاذ القانون والتعاون الدولي والتجريم، خلال رئاسة دولة الإمارات للدورة الثامنة لـ«مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد». وتضمّن المشروع قضايا مثل تدابير التصدّي للإفلات من العقاب، وتوظيف التعليم والتكنولوجيا في منع الفساد ومكافحته، ودور القطاع الخاص في دعم هذه الجهود.

ولا شك في أن الاحتفال العالمي بهذه المناسبة يمثل فرصة لتأكيد الضرورة الحاسمة لمكافحة الفساد، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط، التي تتفشى فيها هذه الآفة الخطيرة، ما يسهم في تعميق مآزقها ومشكلاتها، ويعصف بكل التطلعات إلى مستقبل أفضل تستحقه شعوبها. 

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.