أنعم الله علينا بأننا نعيش في وطن لا يعرف للطموح حدوداً، ولا للإنجازات قيوداً، ولا يكتفي بما حققه من نجاحات، بل يسعى دائماً نحو التميز والتفوق والرفعة والتقدم، فقبل خمسة عقود، شكّل تطوير البنية التحتية للدولة إحدى أهم أولويات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، فمنذ بدايات حكمه كان لديه إدراك بأهمية إنشاء الطرق وخطوط المواصلات لربط كل إمارات الدولة مع بعضها البعض، وسرعان ما ساعدت الطرق الجديدة والمطارات الدولية والموانئ البحرية دولة الإمارات على أن تلعب دوراً مهماً في العالم الصناعي الحديث، وعلى احتلال مكانة مرموقة بين أكثر دول العالم الصناعية تقدماً

حققت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازات دولية متميزة في مؤشرات التنافسية لقطاع البنية التحتية، حيث تم تصنيفها ضمن قائمة الدول الـ10 الأوائل على مستوى العالم خلال 2020 في 16 مؤشراً مرتبطاً بالقطاع.اليوم، وضمن مشاريع الخمسين، يواصل ربان هذه المسيرة صاحب الأيادي البيضاء صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، هذا النهج الحكيم، من خلال إطلاق «البرنامج الوطني للسكك الحديدية» أكبر منظومة من نوعها للنقل البري على مستوى إمارات الدولة كافة، بهدف رسم مسار قطاع السكك الحديدية على مستوى الدولة للخمسين عاماً المقبلة، بما يعزز مكانة الدولة إقليمياً ودولياً كمركز عالمي للريادة والتميز، والارتقاء بتنافسيتها في مختلف المجالات.

يعد «البرنامج الوطني للسكك الحديدية» روح الاتحاد وركيزته الأساسية في البنية التحتية لقطاع التجارة والاقتصاد والنقل البري، ويعزز مساهمة هذا القطاع في تلبية متطلبات النمو والتنوع الاقتصادي تماشياً من أهداف ورؤية الإمارات 2071، حيث يهدف البرنامج الوطني لسكك الحديدية إلى رسم خريطة طريق جديدة في الدولة لنقل البضائع والركاب على متن القطارات، بما يسهم في تطوير منظومة نقل بري مستدامة، في إطار دعم التنمية الاقتصادية المستدامة في القطاعات البيئية والصناعية والسياحية في الدولة، وبما يعمل على توطيد الروابط بين مختلف إمارات الدولة، وتعزيز منظومة الرفاه المجتمعي.

البرنامج يلامس حياة السكان في الدولة بشكل مباشر، من خلال الارتقاء بمستوى المعيشة عبر تسهيل حركة النقل، وتسهيل تنقل السكان بين مختلف إمارات ومناطق الدولة بسرعة وكفاءة وراحة وتكلفة مناسبة، وسيعزز روح الترابط والتلاحم المجتمعي والأسري في الدولة، كما سيوفر البرنامج استثمارات بقيمة 50 مليار درهم، تستهدف 70% منها السوق المحلي، وسيسهم في تقليل ما نسبته 80% من انبعاثات الكربون مقارنة بوسائل النقل الأخرى، بما يدعم جهود الدولة في الحفاظ على البيئة وتحقيق هدفها في الحياد المناخي.

كما سيتم من خلال البرنامج تطوير منظمة نقل شاملة ومتكاملة تفتح آفاقاً تنموية وفرصاً اقتصادية ثمينة تصل قيمتها نحو 200 مليار درهم، حيث سيبلغ مجموع الفوائد المقدرة لتخفيض الانبعاثات الكربونية 21 مليار درهم، كما سيتم توفير 8 مليارات درهم تكلفة صيانة الطرق، وتحقيق فوائد سياحية تقدر بـ 23 مليار درهم خلال الـ 50 عام المقبلة، كما ستبلغ قيمة الفوائد العامة على اقتصاد الدولة 23 مليار درهم.

لقد جاء إطلاق البرنامج الوطني للسكك الحديدية، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ليؤكد وضع الإمارات في الموقع المناسب الذي تستحقه على خريطة التجارة البرية العالمية، فقد عودتنا قيادتنا الحكيمة أن ننظر دوماً للمستقبل بإيجابية وتفاؤل، وأن نعمل دوماً لصنع هذا المستقبل كما نريده لأبنائنا، فكل مؤسسات الدولة تمضي قدماً في جهودها لتعزيز المكانة المتقدمة التي تستحقها دولة الإمارات، ومواصلة مسيرة التميز والنجاح في القطاعات كافة التي اعتاد هذا الوطن على ريادتها منذ عقود من الزمن، مصادقاً لما أكده رئيس الدولة بقوله: «إن دولة الإمارات ماضية في تنفيذ مشاريعها العملاقة الهادفة إلى دعم اقتصادنا الوطني، وتطويره من أجل الوصول إلى رفعة الوطن وتعزيز مكانته على خريطة الاقتصاد العالمي»، وعليه فيحق لشعب دولة الإمارات أن يفخر بقيادته وحرصها على إطلاق البرنامج الوطني للسكك الحديدية، باعتباره دعامة رئيسية ومحفزاً قوياً للتنمية الاقتصادية الشاملة، فهذا البرنامج هو في الحقيقة جزء لا يتجزأ من التزام الدولة بتنوع مصادر الدخل، بهدف إيجاد المزيد من فرص العمل لمواطنيها وجذب الاستثمارات المحلية والإقليمية والدولية.

*إعلامي وكاتب إماراتي