أثناء الصيف بدأت حالات كوفيد تتصاعد عن مستوياتها المنخفضة في منتصف العام، وشاع إلقاء اللوم على «الجمهوريين» بأنهم المسؤولون عن إذكاء الجائحة.

والحجة قامت على أساس أن كوفيد أصبح الكارثة التي تلحق بالولايات التي يغلب عليها «الجمهوريون» بسبب المعدلات المنخفضة في وضع الكمامات والحصول على اللقاحات، إلى جانب جرعات كبيرة من المعلومات المغلوطة عن اللقاحات في مناطق صوتت بكثافة لصالح دونالد ترامب.

وكان هذا يبدو لفترة من الوقت صحيحاً مع معاناة ولايات مثل فلوريدا وآلاباما ولويزيانا من تصاعد هائل في الحالات. لكن الفيروس كشف خطأ تفكيرنا.

ولنأخذ مثال فيرمونت التي بها أعلى مستوى من الحصول على اللقاحات في البلاد وفاز جو بايدن بها بنسبة 66% من الأصوات. وبسبب الهجوم الشديد لسلالة «دلتا»، ولو على العدد الصغير نسبياً من سكان فيرمونت الذين لم يحصلوا على لقاحات، عانت الولاية من أعلى مستويات من تصاعد حالات الإصابة خلال الآونة الأخيرة، ومن تصاعد في استقبال الحالات في المستشفيات بواقع 24% في النصف الثاني من شهر نوفمبر. وفي مقاطعة «سانتا في»، بولاية نيومكسيكو التي فاز فيها بايدن بنسبة 76% وحصل فيها 74% من السكان على اللقاحات بالكامل، ارتفعت نسب الاستقبال في المستشفيات بنسبة 40%.

وقد تجد توجهات مشابهة في مقاطعة «هنيبن» في مينسوتا التي فاز فيها بايدن بنسبة 70% ونسب اللقاحات مرتفعة فيها، وفي مقاطعة «وين» بولاية ميشجان التي فاز بها بايدن بواقع 68% بينما نسب تلقي اللقاحات منخفضة نسبياً فيها. وفي فلوريدا وآلاباما ولويزيانا وولايات «جمهورية» أخرى انخفضت الحالات بعد تصاعد مبكر اكتسحها مما ترك كثيرين متمتعين بحصانة.

وسنرى المدى التي ستدوم عليه الأمور على هذا النحو، وخاصة إذا وصل متحور «أوميكرون» إلى الولايات المتحدة. لكن دعونا ننهي لعبة تبادل اللوم الحزبي بشأن كوفيد. إنها بلا مغزى ومثيرة للاستقطاب وحمقاء. لنلق نظرة على المقولات التي سجلها كوفيد حتى الآن. وإليكم بعض الأمثلة: كوفيد هي مشكلة المدن الكبيرة في الأساس! لكن المشكلة أصبحت مأساة الريف الأميركي.

وأنا أقر بأنني أيدت حجة ضعيفة في الأيام المبكرة من الجائحة حين اعتقدت أن الكثافة السكانية محرك أساسي لانتقال العدوى. ومن المقولات: أندرو كومو حاكم ولاية نيويورك هو نموذج لإدارة الأزمة!

بينما تبين أن الحاكم السابق كان وراء أسوأ القرارات السياسية في الشهور الأولى من الجائحة، حين أجبر دور التمريض في نيويورك على معاودة استقبال المرضى الذين تلقوا رعاية في المستشفى من كوفيد، لكنه حاول لاحقاً التغطية على الغلطة. ومن المقولات أيضاً: رون ديسانتس نموذج لإدارة الأزمة!

الواقع أن حاكم فلوريدا أبلى بلاء حسناً في الشهور المبكرة من الأزمة حين ركز موارد الولاية على حماية المسنين، لكن الولاية شهدت، لاحقاً في عهده، زيادة هائلة في الحالات. ومن المقولات: ترامب مسؤول عن مئات الآلاف من وفيات كوفيد كان من الممكن تفاديها لو كان هناك شخص آخر فحسب في البيت الأبيض! لكن بايدن الآن هو الرئيس وهناك وفيات أكبر وليس لأحد أن يلومه على هذا. وهناك أيضاً: الأساطير المناهضة للقاحات يقودها «كذابو» الجناح اليميني!

لكن هناك أشخاص مثل شون هانتي من «فوكس نيوز» وكريستوفر رودي من «نيوزماكس» يحثون الناس على تلقي اللقاحات، بينما هناك كم كبير من المعلومات المغلوطة عن اللقاحات على وسائل التواصل الاجتماعي تبثها شخصيات مثل روبرت إف. كيندي الابن، من الحزب «الديمقراطي»، وطائفة من مشعوذي الطب البديل، معظمهم من أصحاب وجهات نظر سياسية لا يمكن تخمينها.

ومن المقولات: ألمانيا نموذج للتحرك الذكي القائم على اتفاق الآراء حين يتعلق الأمر بالصحة العامة! لكن معدلات الحصول على اللقاحات وسط الألمان مازالت منخفضة نسبياً، وعدم الثقة في الحكومة مرتفع بشكل محبط والحالات ترتفع. ومن المقولات: السويد نموذج لما هو معقول حين يتعلق الأمر بعمليات الإغلاق! السويدون تجنبوا الإغلاق وأبلوا بلاء أفضل نسبياً من إسبانيا وبريطانيا التي فرضت الإغلاق مراراً.

لكن جوستين فوكس من بلومبيرج يشير إلى أن السويد أبلت بلاء أسوأ بكثير من جيرانها الاسكندنافيين الذين اتبعوا احتياطات أشد صرامة. وقائمة المقولات لم تنته. فمن هم في اليمين توقعوا نهاية للجائحة بناء على الوصول إلى مناعة القطيع. والذين في اليسار توقعوا نهاية للجائحة استناداً إلى تزايد معدلات اللقاحات. لكن الطبيعة- الفيروسات في جانب والبشر في جانب- تحرج الجانبين. لكن إذا شابه متحور أوميكرون متحور دلتا في قدرته على الانتقال، فإن الواقع سيحرجهم ثانية. لكن إليكم بعض المناشدات المتواضعة التي سبقت «موسم عيد الشكر».

لنتوقف عن الجدل بأن كوفيد يتعلق بالتوجه «الجمهوري» أو «الديمقراطي». صحيح أن المناطق «الجمهورية» تميل عادة إلى أن يكون بها معدلات لقاح أقل، لكن المرض يميل لأن يكون له طريقة في تحويل الاتجاهات لأسباب لا يفهمها أحد منا حقاً. لنتوقف عن إلصاق أوصاف التهور أو الطمع بخصومنا الحزبيين. فلهم أحباء يتعرضون لخطر الإصابة نفسه الذي يتعرض له أحباؤك. لنقبل أن الناس لديهم حاجات وأفكار تختلف عما لدينا، سواء فيما يتعلق بالوضع الصحي أو كسب الرزق أو المعتقدات الراسخة. التوبيخ والتحقير لن يغير الطريقة التي يفكر بها الآخرون. ولا أعلم ما قد يأتي به «أوميكرون» وليس لدي إلا آمال ضعيفة للغاية تجاه مدى قدرتنا على اتباع صيغة فاعلة للسيطرة عليه، لكن يجب التوقف عن التصرف بوحشية تجاه الآخرين لأننا جميعاً في مواجهة العاصفة نفسها.

*صحفي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/11/30/opinion/coronavirus-polarization.html