بدأت في فيينا الجولة السابعة من المفاوضات حول استعادة «خطة العمل الشاملة المشتركة» (الاتفاق النووي)، في الفترة بين 29 نوفمبر و3 ديسمبر، بين إيران من جهة وروسيا وبريطانيا وألمانيا والصين وفرنسا (الدول الموقعة على خطة العمل الشاملة المشتركة) من جهة ثانية، إلى جانب الولايات المتحدة بصورة غير مباشرة من جهة ثالثة. ويحدث هذا بعد خمسة أشهر من التوقف، وبعد ست جولات من المباحثات غير المباشرة، في الفترة بين أبريل ويونيو من العام الجاري. والتساؤل الآن هو: ما الذي يريده اللاعبون الأساسيون من محادثات فيينا؟ وما التوقعات المحتملة لإحياء الاتفاق النووي في ضوء الحقائق على الأرض؟
واقعياً تمضي طهران في تطوير برنامجها النووي بعد أن بدأت في خرق هذه القيود تدريجياً في عام 2019 رداً على العقوبات التي أعادها ترامب، وجمعت إيران الآن مخزوناً من اليورانيوم المخصب أكبر بعدة مرات مما هو مسموح به، وبعض هذا المخزون بنسبة نقاء 60٪، وبذلك تقترب من درجة النقاء بنسبة 90٪ اللازمة لصنع سلاح نووي. كما قامت بتركيب المئات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، واستأنفت التخصيب في منشأة تحت الأرض، واتخذت خطوات لإنتاج معدن اليورانيوم المخصب، وهو مادة أساسية في صنع القنابل النووية. كما تستمر في تقييد وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المنشآت النووية الإيرانية، وبخاصة منشأة كرج. ولطالما أعربت الوكالة عن قلقها العميق لأن إيران قد اكتسبت قدرات نووية نوعية تقرّبها أكثر فأكثر من تجميع رأس نووي عسكري. وقدّمت إيران في سبيل عودتها للمفاوضات شروطاً غير قابلة للتنفيذ عملياً لإبرام صفقة جديدة. فطهران لا تريد في نهاية المطاف التخلي عن طموحاتها وما أنجزته. 
وتتبادر للذهن بعض التساؤلات الجوهرية حال الاستمرار في المفاوضات الحالية: فكيف ستعكس إيران خطوات تطوير برنامجها النووي، والتي تجاوزت من خلالها القيود المشروطة في اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة؟ وكيف ستتمكن الإدارة الأميركية، حال توقيع اتفاق، من رفع أو تخفيض العقوبات المفروضة على إيران وفق «حملة الضغوط القصوى» التي انتهجتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب؟ كلا القضيتين شائكتين واقعياً؛ فإيران لن تتخلى عن أنشطتها النووية التي طورتها خلال السنوات الثلاث الماضية، في حين أن العقوبات الأميركية المفروضة على إيران لا تقتصر على ملفها النووي، بل كانت إدارة ترامب قد استطاعت فرض عقوبات على إيران ترتبط بملف مكافحة الإرهاب وبملف حقوق الإنسان فيها، وذلك في سياق تشريعي وإداري وإجراءات روتينية تجعل التخلي عن هذه العقوبات أكثر صعوبة. 
كل هذه التعقيدات جعلت من التفاوض إنجازاً للطرفين بحد ذاته، لكن تعقيدات الوضع لا تدعو للتفاؤل في إمكانية إعادة إحياء الاتفاق النووي، ورغم ذلك تحتاج إيران إلى تخفيف العقوبات نظراً للمتاعب الاقتصادية الحادة المستمرة والتي ترافقت مع تأثيرات جائحة كورونا، لذا تصر طهران على رفع العقوبات وليس على التفاصيل النووية. وفي تأكيد لذلك فقد ضم الوفد الإيراني المؤلف من 40 عضواً عدة مسؤولين اقتصاديين، وأعلن علي باقري كني مساعد وزير الخارجية الإيراني الذي يرأس الوفد الإيراني في فيينا، أن الهدف الأول لطهران هو إلغاء جميع العقوبات المفروضة عليها. لذا، ومع انتهاء أعمال جولة كسر الجمود السابعة، الجمعة الماضي، ظهرت الحاجة لاستمرار التفاوض في جولات قادمة وليس خيارات أخرى. 

كاتبة إماراتية