فرصة، واقتناء الفرص من سمة الأذكياء، ومن لا يعرف طريقه إلى تلك الملحمة التاريخية التي يقال عنها فرصة، فهو في الغيبوبة، ويحتاج إلى حالة إنعاش، ولعلَّ وعسى تحيي العظام الرميم.
اليوم تمر الإمارات في زخمها، وعظمة نهوضها، وعبقرية منجزها، وعملاق تفرقها، وقوة نفوذها، في عالم لا يحترم إلا الأقوياء، أقوياء في صمودهم، أقوياء في إرادتهم، أقوياء في إصرارهم على المكوث في الصفوف الأولى.
كل هذا البريق، كل هذا القوام الأنيق، كل هذا القد الرشيق، يحتاج أيضاً إلى قوة ناعمة تعزز جماله، وتدعم أواصره، وتؤكد رسوخه، وتثبت شموخه، وتجعله في العالمين شمعة لا تطفئها ريح، ولا تخمد شعلتها تباريح.
تمر على البلاد مناسبات، وفصول من الأحداث التي تستحق النظر إليها بعيون لا تغطي جفونها بنظارات شمسية داكنة، وشديدة السواد، أوقات يحتاج فيها الوطن إلى مثقف يحمل على عاتقه مهمة توسيع الحدقات، ويأخذ على كاهله مسؤولية إضاءة الغرف الداخلية، لكي يرى البعيد، والقريب ما يحدث هنا من مبهرات، وما يتم إنجازه من مدهشات، فالعالم اليوم يجيش مثقفيه، من أجل سن الأقلام، وشحذ الهمم، ودفع العزائم للتكتل معاً في طريق الحفاظ على المنجز، ودعمه، وتعزيزه، وجعله عند رؤوس الجبال شجرة غاف ترسل شذاها إلى كل قاطني البرية، هدف ذلك هو احترام ما يقدمه الوطن للبشرية من معطيات، تستحق الإشارة إليها بالحبر الأحمر، وتلوينها بألوان الطيف، حتى لا يمر القطار مرور الكرام وتنتهي الحفلة.
نحن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى، من أن نسجل منجزاتنا، ونحفظها من الزلل، أو الخلل، ومن أجل أن تدرأ عنها صفير الرياح، ونمنع عنها هدير العجلات الحمقاء، على أسفلت التاريخ.
فرصة اليوم قد لا تعوض غداً، بأن يلتئم دور المثقف، مع جهود الدولة في صناعة واقع ثقافي مهم، ومؤثر، وفعال في صياغة وجه العالم، وتقديم كل ما ينفع البشرية، ومن دون تكلف أو ادعاء.
الإمارات قادرة على تمثيل الثقافة الإنسانية أحسن تمثيل، لأنها تمتلك الرؤية، وتختزن تاريخاً من التجارب الحية التي تؤكد أن لهذا البلد سلسالاً من المنجزات الثقافية المضيئة، وعلى الأجيال أن تتواصل، وأن تحدق في جوف البئر، وسوف تجد بأن العذوبة نبعت من هنا وليس من مكان آخر، وأن الإمارات جبلت على العناق ما بين الثقافة والإنسان، كون الأخير هو منتج ثقافي لا غير.