خمسون عاماً ليست طويلة في أعمار الدول والشعوب والمجتمعات، لكنها حين تواكب الإنجازات الكبيرة تلو الإنجازات الكبيرة وتتسارع الأحداث فيها لبناء دولة حديثة فتية ولرسم نهضة عمرانية ضخمة.. في هذه الحالة تصبح نموذجاً يحتذى بين الأقطار. إنه إنجاز كبير ومبهر للغاية، وكان حلماً وقد تحقق ليصبح حقيقة على الأرض ومثالاً شاخصاً للعيان.

ما قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة وعملت من أجله طوال 50 عاماً متواصلة من البناء والنمو والتقدم والازدهار.. يعتبر معجزة ملهمة وحالة فريدة في المنطقة، إذ حولت الصحراء القاحلة إلى أبراج شاهقة وناطحات سحاب تعانق السماء، وواحات غناء واسعة من النخيل والأشجار والورد والأزهار.

كما قامت بإنشاء وتشييد شبكة من الجامعات والكليات والمعاهد ومراكز البحوث والدراسات ومراكز التدريب والتأهيل، وأسست المصانع الضخمة والمنشآت التجارية الكبيرة.. لتصبح بيئة خصبة لجذب الاستثمار العربي والأجنبي، بل أصبحت محط أنظار العالم كله خلال فترة وجيزة. واستضافت المعارض العالمية والإقليمية باقتدار، ونجحت نجاحاً باهراً في تنظيمها وإقامتها على أرضها، وأصبحت من الدول الأكثر أماناً واستقراراً وسعادةً وتسامحاً وانفتاحاً، وهذا كله بفضل الله ثم بفضل من بنى وأسس ووحّد وكوَّن وشيّد هذه الدولة الحديثة الملهمة، التي أصبحت حلم المستثمر والزائر والسائح، الخليجي والعربي والأجنبي، لما هيئته من بيئة صالحة وجاذبة مثلت مكاناً للإبداع والراحة والعيش الكريم الآمن.

دولة الإمارات تخطت الصعاب كلها وتجاوزت الزمن بسرعة مذهلة، لكي تتربع على قمة عرش التمدّن والتحضّر والتميّز والتطور، وأصبح يعيش على أرضها جميع الجنسيات والأديان والمذاهب والقوميات بدون تمييز.. مما جعل جواز سفرها يحتل المرتبة الأولى عالمياً، وجعل كبار الشخصيات العالمية من مشاهير ومبدعين وقادة ورجال مال وأعمال.. يصرحون بأنهم يفضلون الإقامة والعيش في دولة الإمارات العربية المتحدة، نظراً لبيئتها الجاذبة المريحة للزائر والمقيم.

ورغم حرارة مناخ شبه الجزيرة العربية وارتفاع رطوبة أجوائه، فإن الإمارات تغلبت على كل المعوقات والصعاب ووفرت كل الإمكانات اللازمة للراحة، وهيأت كل السبل للمواطن والمقيم، من خدمات نظيفة وصحية آمنة ومريحة، وسط أنظمة وقوانين مرنة وواضحة وصريحة وشفافة، تكفل حرية المقيم والزائر والسائح ورجل الأعمال والموظف والعامل البسيط، ليمارس كل طقوسه وهواياته بحرية تامة، ولذلك تجد مطارات دولة الإمارات مكتظة والأماكن التجارية مزدحمة طوال العام.

وما تنظيم «إكسبو 2020» هذا العام على أراضي الإمارات، إلا رسالة واضحة للعالم كله بإنها قادرة على استضافة وتنظيم وإعداد وإنجاح مثل هذا الحدث العالمي الضخم والمهم. إن هذا البلد المفعم بالعطاء والابتكار، تجاوز الزمن وتخطى الصعاب والعوائق نحو التطور السريع والتميز المذهل.. لذا من حق الإمارات، ومعها أشقاؤها، أن تحتفل باليوبيل الذهبي لتوحيدها ولانطلاق بناء نهضتها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. ولذلك تصادف هذه الأيام الاحتفال بالعيد الوطني الخمسين لدولة الإمارات وهي تتوشح بأجمل مشاعر الفرح وتفخر بمنجزاتها التاريخية والحضارية الكبيرة، بما في ذلك منشآتها الصناعية ومراكزها التجارية ومؤسساتها المالية والاقتصادية الضخمة.. التي أصبحت محركاً اقتصادياً واستثمارياً للمال والأعمال والمصارف بالعالم، بينما بعض الدول التي سبقتها بعقود وقرون من التأسيس والبناء والاستقلال، تراجعت وأصبح أبناؤها يحلمون بالإقامة والعيش في دولة الإمارات التي باتت تحقق أكبر الإنجازات وأضخم الأرقام في كل مجالات التطور والتميز والعطاء والإبداع والتفرد.

*كاتب سعودي