جاء جو بايدن إلى البيت الأبيض في لحظة مفصلية من التاريخ الأميركي. ذلك أننا كنا قد أصبحنا بلداً منقسماً إلى أمتين، أمة ذات تعليم عال وغنية، وأخرى مهمشة ومقصية. ثم زادت الهوة الاقتصادية من تأجيج الفوارق الثقافية والاجتماعية، ما خلق جواً من الانقسام الشديد والعداوة الثقافية والتهميش والمرارة والاستياء.

كرئيس، كانت لدى بايدن في الغالب أدوات اقتصادية من أجل السعي لجسر هذه الحرب الأهلية الباردة. فدافع عن ثلاثة تشريعات ضخمة من أجل خلق مجتمع أكثر مساواة وعدلاً واتحاداً: مشروع قانون تحفيز الاقتصادي للتعافي من آثار أزمة كوفيد، ومشروع قانون البنى التحتية، وما أصبح يعرف بـ«إعادة البناء بشكل أفضل» للاستثمار في البنية التحتية البشرية. كل مشاريع القوانين هذه كُتبت من أجل توجيه المال إلى أجزاء البلاد التي كانت أقل تعلماً وغنى وتعاني من التهميش.

ويتوقع آدم هرش، وهو اقتصادي زائر في معهد السياسة الاقتصادية، أن أكثر من 80% من الوظائف الجديدة التي تخلقها خطة البنى التحتية لن تتطلب شهادة جامعية. هذه المقترحات العملاقة مثّلت مساعي شجاعة وجريئة. ولكن البعض اعتبرها جريئة أكثر مما ينبغي. فالاقتصادي لاري سمرز، على سبيل المثال، يرى أن حزمة تحفيز الاقتصاد أكبر مما ينبغي، وأنها يمكن أن تحفز الاقتصاد بشكل مفرط وتؤدي إلى التضخم.

والحق أن لاري واحد من أذكى الأشخاص الذين عرفتهم على الإطلاق، وشخص أكنُّ له الإعجاب والتقدير حقاً. ولو كنتُ اقتصادياً، لربما اتفقت معه. ولكنني صحفي ذو نزعة لعلم الاجتماع. ومنذ أكثر من عقد من الزمن وأنا أغطي بلداً كان ينهار اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً.

وأعتقد أن إحدى الطرق لعكس ذلك تكمن في إعطاء الاقتصاد دفعة قوية وخلق أسواق عمل نشطة وذات دينامية من شأنها رفع الأجور في القاع. وإذا كان التضخم نتيجة فرعية لذلك، فليكن. فالأمر يستحق هذه المقايضة من أجل تفادي انفجار وطني. حزمة تنشيط الاقتصاد البالغة قيمتها 1.9 تريليون دولار مُررت وكانت ناجحة بشكل كبير جدا. إذ أدت إلى سخّنت الاقتصاد برمته. وفي هذا الصدد، يتوقع «مجلس المؤتمر» أن يبلغ النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي نحو 5% هذا الربع. وفضلاً عن ذلك، فإن معدل البطالة ينخفض، ومبيعات التجزئة ترتفع، وحوالي ثلثي الأميركيين يشعرون بأن الوضع المالي لأُسرهم جيد.

ولكن الخبر الأحسن هو أن المزايا تتدفق على من هم في أسفل السلم التعليمي وسلم الأجور. فخلال الشهر الأول من المدفوعات فقط، حال توسيعُ الجزء المتعلق بـ«الائتمان الضريبي للطفل» من حزمة التحفيز المالي دون سقوط 3 ملايين طفل أميركي في الفقر. وقفزت أجور العمال الذين يشتغلون بالساعة في قطاع الضيافة والترفيه بـ13% في غسطس مقارنة مع العام السابق. وبحلول يونيو الماضي، كانت هناك فرص عمل في المجالات غير الزراعة أكثر من أي وقت آخر في التاريخ الأميركي. ونتيجة لذلك، يمتلك العمال قوة أكبر هذه الأيام.

وعلاوة على ذلك، فإن مشروع قانون البنى التحتية الذي وقعه بايدن للتو سيعزز الإنتاجية الأميركية لسنوات مقبلة. ولكن سمرز كان محقاً. ذلك أن حزمة التحفيز – إلى جانب كل الاضطرابات في سلسلة الإمداد ونقص العمالة التي تُعد حتمية عند الخروج من الوباء – زادت من التضخم.

وفضلاً عن ذلك، فإن الأميركيين ضاقوا ذرعاً بوباء يبدو أنه لا ينتهي أبداً. ويبدو أنهم أخذوا يصبون كل غضبهم على «الديمقراطيين». فقد كشف استطلاع حديث للرأي لـ«إيه بي سي نيوز» و«واشنطن بوست» أن الناخبين باتوا يفضلون الآن المرشحين «الجمهوريين» للكونجرس في دوائرهم الانتخابية بـ51% إلى 41%. وهذا هو أكبر تقدم للجمهوريين منذ أن بدأ استطلاع الرأي هذا يطرح هذا السؤال، قبل 40 عاماً.

والحق أنه لو أنه كان يتم الحكم على الرئاسات بناء على حجم شعبيتها على المدى المتوسط، لبدا جهد بايدن سيئاً للغاية. ولكن ذلك معيار فظيع. فرؤساء الولاية الأولى دائما تقريباً ما يحرز حزبهم نتائج ضعيفة في الانتخابات النصفية بعد تنصيبهم. ويحدث هذا بشكل خاص إذا حقق الرئيس أشياء كبيرة.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميشيغن «مات جروسمان» درس اتجاهات التصويت الشعبي في مجلس النواب منذ 1953، ووجد أنه في الغالب عندما ينجح الرؤساء في تمرير تشريع مهم – «جمهوريين» أو «ديمقراطيين» – يتحول الناخبون إلى معارضة حزب الرئيس. وحتى نأخذ مثالاً حديثاً نسبياً، انظر إلى كيف كان تشريع «أوباما-كير» متبوعاً بهزيمة «ديمقراطية» في 2010. فالناس يرتابون في التغيير. والنجاح يعبِّئ المعارضة.

وغالباً ما لا تصبح هذه السياسات ذات شعبية، بل مقدسة أحياناً، إلا لاحقاً. إن الرؤساء يُحكم عليهم من قبل التاريخ، وليس في غمرة اللحظة. والسؤال هو: هل عالج الشخصُ الموجود في المكتب البيضاوي المشكلة الجوهرية الآنية؟ الواقع أن إدارة بايدن نجحت في ذاك الاختبار. صحيح أنه كانت هناك إخفاقات – الانسحاب المخزي من أفغانستان، الفشل في التبرؤ من تجاوزات اليسار الثقافي. ولكن هذه الإدارة سيتم الحكم عليها بناء على مدى نجاحها في تقليص انعدام المساواة، وتوفير الفرص، وخلق الأساس المادي لوحدة وطنية أكبر. وهي الآن بصدد تحقيق ذلك. *كاتب وصحفي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/11/18/opinion/biden-infrastructure-stimulus-bill.html