بدون مبالغة، وبعيداً عن أي اعتبارات أخرى، يمكننا كمراقبين للوضع السياسي في منطقة الشرق الأوسط أن نقول بأن السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة تشكل نموذجاً للسياسة التي تسعى إلى أفضل علاقات بين الدول الشقيقة والصديقة، ومن ذلك بطبيعة الحال سعي الإمارات في الآونة الأخيرة لتعزيز علاقاتها مع الجمهورية التركية، بعيداً عن أي ظروف أو مواقف سابقة تسبب فيها الجانب الآخر.

على أية نقول بأن سياسة دولة الإمارات في هذا الصدد تعطي مؤشراً مهماً آخر على سيرها في الطريق الصحيح. ولعل ما نشهده من تقارب في الآونة الأخير بين دولة الإمارات والجمهورية التركية تمثَّل أحد مؤشراته في مشاركة تركيا في معرض «إكسبو 2020 دبي».

ويجسد التقارب بين الجانبين عمق العلاقات الطيبة بين الدول الإسلامية، والتي مهما كانت الظروف قاسية على بعضها فإنها في النهاية تبقى دولاً مرتبطة فيما بينها بالعديد من العوامل والقواسم المشتركة التي لا يمكن بحال من الأحوال إغفالها.

وعلى صعيد العلاقات الإماراتية التركية هناك مصالح اقتصادية مشتركة تؤكد أهمية كل من البلدين للبلد الآخر؛ فالاستثمارات الإماراتية في تركيا تعد بمليارات الدولارات، وقد قُدِّرت في عام 2019 بحوالي تسعة مليارات دولار تمثل ما نسبته 21% من حجم التبادل التجاري بين البلدين.

وهو رقم مهم على صعيد العلاقات التجارية. هذا بالإضافة إلى أن تعزيز العلاقة التجارية بين الجانبين سيخدم تركيا من الناحية الاقتصادية في ظل معاناة اقتصادها من التضخم ومن عجز الميزان التجاري وارتفاع قيمة الديون الخارجية.

وبعيداً عن ذلك كله نقول إن قيام دولة الإمارات بتعزيز هذه العلاقة كي تحلّق بها إلى أبعد الآفاق الممكنة، هو خطوة تأتي في الوقت المناسب نظراً لظروف منطقة الشرق الأوسط الحالية، والتي تتطلب هذا النوع من المبادرات الشجاعة والخطوات الانفتاحية الواعية بين الدول، لاسيما على صعيد العلاقات بين الدول الشقيقة والصديقة كما هي العلاقة بين تركيا والإمارات، وهي علاقة بأمس الحاجة حالياً للتقريب والتطوير والتفعيل.

إنه أمر محمود بعد الإرهاصات والتقلبات التي عرفتها منطقة الشرق الأوسط طوال الأعوام الماضية، وهي إرهاصات وتقلبات يمكن في النهاية تشبيهها بأنها سحابة صيف عابرة. إن العلاقات بين الإخْوة يمكن أن تتعرض لمطبّات، لكنها تبقى في النهاية علاقات أخوية وسرعان ما تعود إلى مجاريها. والله نسأل أن يديم الوفاق والاتفاق بين كل الدول العربية والإسلامية، لكي يعم الخير على الجميع وعلى المنطقة ككل دون استثناء. والله الموفق.

*كاتب كويتي