حوار المنامة الأمني 2021، تميز هذا العام بطرح نوع غير مسبوق من الدبلوماسية سمي ب«الردع الناعم»، جاء ذلك على لسان وزير خارجية البحرين، أثناء مشاركته في هذا المنتدى الأمني المهم بالنسبة لمنطقة الخليج خاصة.
فقد أشار إلى أنه: علينا أن نعتمد الردع على الخصوم خارجيًا وداخليًا، ويجب أن نكون مبتكرين في استخدام الدبلوماسية وتطبيق الردع، ولدينا القدرة على قياس استجابة شعوب خصومنا لطرق الردع الناعمة.
منذ سبعة عشر عاماً والمنامة تدير دبلوماسية الحوار الحضاري بعيداً عن صوت الصراعات والمدافع، بل قريباً من دفق المصالح والمنافع.
وهو أمر يتوافق مع امتداد حضارة «دلمون» في البحرين.
بدل البغي، هناك البديل في التعايش، مع كائن من كان، العدو قبل الصديق والشقيق أو الحليف والشريك.
وهذا مدار كلمة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى عندما أكد أن: 
الولايات المتحدة ملتزمة بأخذ وجهات نظر دول الخليج تجاه الاتفاق النووي مع إيران، وهي تتطلع لمزيد من التعاون مع الشركاء في الشرق الأوسط.
فالتعايش دليل قوة أعظم من بطش القوة، وهو ما ذهب إليه مؤلف كتاب The Power «روبرت جرين» في إحدى قواعده الثماني والأربعين عندما أكد على أنه كلما كان الفرد أو المجتمع أو الدول قريبة من عدوها كانت أقوى، فالسياسة تستدعي ذلك من أجل حسن المعايشة.
و قد دعا أمين عام مجلس التعاون الخليجي إلى أن التعددية هي طريق النجاح والتعايش، فانعقاد مؤتمر المناخ التابع للأمم المتحدة في مصر عام 2022 والإمارات في عام 2023 خلال السنوات القادمة دليل مادي على تطبيق التعددية.

فالتهديدات ينبغي أن يخفت صوتها، وكذلك التوترات، خاصة أن دول الخليج أقرب إلى مشاريع السلام العالمي، وهي المنطقة التي تنعم بالأمن بسبب سياساتها البعيدة عن خلق بؤر للتوترات كما هو دأب البعض.
لقد تم تجريب الدبلوماسية «الخشنة» لعقود مضت، ولم تجن الدول غير تجريف مكتسباتها، وتسييل سياساتها التي أثرت في تخريب سبل أمنها واستقرارها، ولا نحتاج لضرب الأمثلة فسنوات «الخريف» العربي خير شاهد على ما يحصده البعض من ثمار الأثل.
فالحوار حول القضايا الشائكة مهما طال أمده، يظل أفضل بكثير من ضياع الوقت في استخراج أشواك الحروب من الأقدام الدامية.
قرابة 300 مشارك انحرطوا في قلب حوار المنامة، فرصة تاريخية لتعميق هذا النهج في الطرح الراقي لمسؤولين حكوميين ورجال أعمال، وسياسيين ومفكرين، لتبادل مختلف الآراء إزاء التحديات الأمنية التي تواجه العالم بأسره.
بالأخص، ما يتعلق بالميليشيات التي تمارس الإرهاب علناً، وتستخدم الصواريخ الفالتة من عنانها والمسيرات المفخخة ببارود الأيديولوجيا المدمرة، إضافة إلى تعقيدات الملف النووي الإيراني.
كذلك لم يتم إغفال الاقتصاد في مداخلات المشاركين، حيث تركزت المناقشات على مدى تأثير الازدهار الاقتصادي لبعض القوى الصاعدة، والتحديات التي تواجه دول العالم المتقدم على مجمل السياسات العالمية.
كاتب إماراتي