أدى التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة والصين بسبب الخلاف حول العديد من القضايا الدولية، مثل التجارة وحرية البحار، إلى تنامي المخاوف بشأن سباق تسلح وحرب باردة جديدة. كما تواجه العلاقات الأميركية مع روسيا عدداً من التحديات مثل أمن أوكرانيا ودول البلطيق، والحضور الروسي القوي بشكل متزايد في القطب الشمالي وفنزويلا وكوبا ونيكارغوا. 
وعلى هذه الخلفية، يزيد التعاون المتنامي بين الصين وروسيا من إمكانية أن تصبح هاتان القوتان حليفتين للتصدي للولايات المتحدة. والجدير بالذكر هنا أن كلاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ رفضَا دعوةً للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن خلال القمة الأخيرة لمجموعة العشرين في روما ومؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المتواصل في غلاسكو في اسكتلندا. 
الصين وروسيا تتقاسمان الكثير من المصالح، بما في ذلك واحدة من أطول الحدود في العالم، وتعاون مربح في مجال الطاقة، وعداء مشترك تجاه الولايات المتحدة والمؤسسات التي تروّج لنمط حكمها الليبرالي. كما إنهما تُعدان أكبر مؤثِّرين في بيئة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وتمقتان التدخل الأميركي في ما تعتبرانه شأناً سياسياً داخلياً. وفضلاً عن ذلك، فإن كلا البلدين يريان فرصاً في استغلال حالة الضعف الأميركية التي تسببت فيها الانقسامات داخل الولايات المتحدة وانسحابها المتسرع من أفغانستان. 
غير أن هذه المصالح المشتركة لا ترقى إلى تحالف رسمي. فالصين لن تُلزم نفسَها بالدفاع عن القرم تماماً مثلما أن روسيا لن تهبّ لمساعدة الصين في حال نشوب أزمة عسكرية حول تايوان أو النزاعات البحرية مع بلدان المنطقة في بحر جنوب الصين. صحيح أن البلدين سبق لهما أن تعاونا بشأن صفقات أسلحة ضخمة على مدى سنوات. فخلال المراحل الأولى من عملية تطوير الصين وعصرنتها، كانت هذه الأخيرة تقتني معظم أسلحتها المتطورة من روسيا. وفي الآونة الأخيرة، وبينما طوّرت الصين صناعتَها العسكرية الخاصة بها، اضطرت روسيا لتخفيف سياساتها الخاصة بتصدير الأسلحة وباتت مستعدةً لتبيع للصين أنظمتها الدفاعية الجوية الأكثر تطوراً. ومن المتوقع أن يتواصل هذا التعاون بخصوص التكنولوجيا العسكرية، ولكنه سيصبح الآن طريقاً ذي اتجاهين، بدلا من طريق ذي اتجاه واحد، مع استمرار نمو قاعدة الصين التكنولوجية لتصبح أكثر تطوراً. 
ومما لا شك فيه أن هناك اختلافات في الرأي حول مدى خطورة تداعيات تعاون بين الصين وروسيا في مجال الدفاع على توازن القوة العالمي. فبعض الخبراء يعتقدون أنه مع مرور الوقت سيصبح لدى روسيا سببٌ للقلق بشأن نمو قوة الصين الاقتصادية والعسكرية، وخاصة في ما يتعلق بتقدمها الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي والأنظمة المرتبطة بالفضاء. غير أنه طالما استمر البَلدان في اعتبار الولايات المتحدة منافساً خطيراً، فإنهما ستتقاسمان مصالح مشتركة في مواجهة الجهود الغربية من أجل تغيير سلوكهما بخصوص مسائل تعتبرانها شؤونا داخلية وليست دولية. 
غير أنه على الرغم من التظلمات المتبادلة بشأن سلوك الولايات المتحدة، فإن هناك عدداً من التحديات الأمنية التي قد تدفع الصين وروسيا والولايات المتحدة للعمل معاً في سبيل مصالحهم المشتركة والمتبادلة. ذلك أن البلدان الثلاثة معاً قلقةٌ بشأن انتشار الإرهاب من قبل تنظيمات مثل «داعش»، كما إنها قلقة معاً بشأن عواقب مزيد من الانتشار النووي، بما في ذلك إمكانية تطوير سلاح نووي إيراني. إذ من شأن قنبلة إيرانية، مثلاً، أن يدفع دول المنطقة إلى السعي أيضاً للحصول على قنابل، مما سيعني انهيار معاهدة حظر الانتشار النووي وإمكانية إسراع اليابان إلى تطوير ترسانة نووية كبيرة. 
ولعل أهم مصلحة متبادلة هي الحاجة للتعاون وللعمل معاً من أجل احتواء التأثيرات الكارثية لتغير المناخ على الكوكب ككل. ذلك أن الفيضانات الأخيرة والتلوث الهوائي الفظيعين في الصين، وذوبان القطب الشمالي والتهديد المتزايد بحرائق الغابات في روسيا.. كلها أمثلة تؤكد الحاجة إلى مزيد من التعاون الواضح والصريح من أجل مواجهة تهديد وجودي عالمي. 

مدير البرامج بمركز «ناشيونال إنترست» - واشنطن