الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

فلسطين حاضرة في «إكسبو دبي»

جناح فلسطين في «إكسبو 2020 دبي» (تصوير: حسن الرئيسي)
31 أكتوبر 2021 02:34

شروق عوض (دبي) 

منذ أن تطأ أقدام الزائرين مدخل الجناح الفلسطيني في معرض «إكسبو دبي 2020»، تتجلى لهم بوابات القدس الساحرة، حيث دأب القائمون عليه على غرس أشجار الزيتون على جانبيّ المدخل وإقامة الأقواس الحجرية على امتداده والمستوحاة من «البائكة الجانوبية» الموجودة بين المسجدين الأقصى وقبة الصخرة المشرّفة، تعلوها «المزولة» وهي ساعة شمسية يعود تاريخها لأكثر من 1000 عام، كانت تستخدم لتحديد أوقات الصلاة من خلال رؤية حركة ظل العمود الثابت عليها جراء أشعة الشمس، وتم رصف الأرضيات ببلاط حجريّ مقدسيّ جيء به من باب العامود تحديداً، بينما بنيت واجهته الخارجية من رخام فلسطين، ورصفت ساحته بحجارة القدس.
وتبدأ جولة الزوار المدهشة المبنية على محاكاة تجربة الحياة الحقيقية في فلسطين، مع توظيف كافة التقنيات المتطورة بحس بشريّ مرهف جمع ما بين الحداثة وأصالة الحضارة الفلسطينية الضاربة في أعماق التاريخ بوصفها مهداً للديانات السماوية.
يعكس الجناح الفلسطيني، الواقع في منطقة الفرص، والمكون من طابقين، ثراء البلاد المقدسة وتميّزها من حيث الحضارة والتراث والثقافة والتسامح والتعايش بين الأديان، والتنوع الطبيعي والجغرافي والموسيقي والثقافي والفني، وموجهاً رسالة من أرض الحدث العالمي «إكسبو 2020 دبي»، للعالم بأن فلسطين أرضاً وشعباً وحضارة عريقة متجذرة في أعماق التاريخ العربي والإنساني، باعتبارها النقطة الأقرب بين الأرض والسماء، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومنبع اتباع الديانات السماوية الثلاث، وأكثر الأماكن استقطاباً للسياحة والاستثمار.
وما أن يتنفس الزوار عبق ورائحة مدينة القدس، مهد النبوءات وباعثة النور إلى العالم، بأبوابها وأقواسها، من لحظة دخول الجناح حتى يجدوا أنفسهم وسط الحارات الفلسطينية بمعالمها الدينية والتاريخية الشاهدة على عراقتها وأصالتها، فتبدأ جولة وتجربة حسية تحاكي الحواس الخمس، وتثير الدهشة في النفوس عبر ما يرونه على شاشات العرض المرتكزة على أحدث التقنيات السمعية والبصرية متبوعة برسومات ثلاثية الأبعاد، حيث البداية بجولة في «المصعد»، لمحاكاة تجربة الحياة في أجواء البلدة القديمة لمدينة القدس وشوارعها المفعمة بالحياة والتنقل بين أسواقها الشهيرة، من خلال شاشة كبيرة يعرض عليها مشاهد من سوق باب خان الزيت الذي يُعد أحد أجمل أسواق المدينة، والواقع شرقي كنيسة القيامة، بكل ما فيه من منتجات وتوابل، ثم تنقلك المشاهد إلى باب الساهرة في الجزء الشمالي من سور المدينة العتيقة.

شرفات مقدسية
وتتحرك وتشرئب أكثر مشاعر الزوار بانتهاء هذه الجولة، لينتقلوا إلى أجواءً فلسطينية حقيقية 100%، يعيشونها من على شرفة مقدسية في «محطة الرؤية ثلاثية الأبعاد»، وحملت عنوان «عين فلسطين»، حيث يطل الزوار عبرها على قاعة دائرية ثبّتت على جدارها شاشات كبيرة، تعرض مقطعاً مصوراً لأكثر من 5 دقائق، لـ الساحلية والجبلية، والطبيعة الخلابة، تجعلهم يعيشون اللحظة بأدق تفاصيلها، فأينما ولوا أنظارهم وجدوا ساحة الحرم القدسي وأعمدته الشاهقة ودرجاته المشهورة، وأرضياته الملساء، ثم أسوار القدس العالية، حيث تتلألأ في وسطها قبة الصخرة المشرفة بطلائها الذهبي الخالص.
ومع انتقال الزوار إلى «المحطة السمعية» ضمن جولتهم المثيرة بكل تفاصيلها عبر ممر طوله أكثر من 6 أمتار، حتى يجدوا أنفسهم في خضم أجواء صوتية لأناس عاديين تملأ شوارع وأزقة فلسطين بكل ما تشكله من تاريخها وهويتها، وصوت الأذان تليه أجراس الكنائس، تعبيراً عن روح التعايش بين الديانتين الإسلامية والمسيحية، يتبعه لاحقاً صوت شعريّ يصدح بعبارة «على هذه الأرض، سيدة الأرض، أم البدايات وأم النهايات، كانت تسمى فلسطين، صارت تسمى فلسطين» بصوت الشاعر الراحل محمود درويش، وأصوات متعددة منها بحر غزة وصيادوها، وترافق كل ذلك إضاءة «الليزر» على لوحات جدارية للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
ومع مواصلة الزوار جولتهم الحسية داخل أروقة الجناح، تحط أقدامهم في محطة «الشم»، والتي حرص المنظمون من خلالها على توظيف «عبق فلسطين» الطافح بروائح «الميرمية» و«الزعتر» و«البهارات» و«الفاكهة كالبرتقال اليافاوي»، بما تمثله من سهول فلسطين الزراعية وتحديداً مرج بن عامر، باعتباره من أهم مصادر القمح في بلاد الشام كافة.

استحضار حقيقي
وبعد انتعاش الزوار بلذة روائح منتجات أرض فلسطين التاريخية، والتي ميزتها عن دول العالم الأخرى يتوجهون إلى «محطة اللمس» المرتكزة على أعمدة إلكترونية، تمكنهم من ملامسة عبق التاريخ القديم عبر اللمس بالأيدي لعناصر حقيقية استحضرت من فلسطين، فكانت القطعة الأولى تمثل جزءاً من صفائح الألمنيوم، تحمل الرقم (0023) والتي تزينت بها قبة المسجد الأقصى في تسعينيات القرن الماضي قبل أن يتم طلاؤها الحديث بالذهب، أما القطعة الثانية فهي النجمة التي ترمز إلى مكان ولادة السيد المسيح عليه السلام في بيت لحم وغيرها الكثير من القطع التاريخية، بالإضافة إلى مفتاح قديم يعود لإحدى العائلات المقيمة على أرض فلسطين لأكثر من 60 سنة.
ولا بدّ للزوار في جولتهم من تذوّق طعم المأكولات الشعبية الفلسطينية، بوصولهم إلى محطة «التذوّق»، ليعيشوا أجواء بيوتها من خلال مائدة المأكولات الافتراضية بقطر 5 أمتار تعلوها قائمة إلكترونية للوجبات مثل «المسخن، وشوربة الفريكة وغيرها» والحلويات الفلسطينية مثل «الكنافة النابلسية»، وحولها العديد من المقاعد المطرزة يدوياً، ومع انتهاء الزوار من معايشة إعداد المأكولات والحلويات التراثية، حتى تأخذهم «محطة الإدراك» في جولة افتراضية، إلى أجمل مواقع فلسطين، ليتفاعلوا معها كما لو كانوا فيها بالفعل.

متجر الهدايا
بعد جولة ممتعة، يتوجه الزوار إلى متجر الهدايا الذي يحاكي الأسواق الشعبية وما تقدمه من أشهر الصناعات التقليدية كالمنحوتات الخشبية المصنوعة من شجر الزيتون، بعضها استلهم من تاريخ فلسطين وأخرى من تفاصيل الأراضي المقدسة فيها، والزجاج الملون والفسيفساء، والمطرزات الفولكلورية كالأثواب والفساتين والصواني والكوفيات المرقطة بالأسود أو الأحمر وغيرها، مما يتيح لهم فرصة شراء ما يرغبون به ليبقى ذكرى جميلة لزيارة فلسطين على أرض الحدث العالمي المتمثل بـ«إكسبو   2020 دبي».

«طوابير» الزوار
ومع خروج الزائرين من الجناح، تستوقفهم رائحة المخبوزات الشعبية كمناقيش الزعتر والجبنة المعدة على نار الحطب في فرن مصنوع من الحجر، فيسارعون إلى تذوقها بمنتهى المتعة. هذا ويشهد الجناح الفلسطيني إقبالاً لافتاً من شتى أبناء الجنسيات العربية والأجنبية، لاختبار تجربة الحياة في أجواء فلسطين ومدينة القدس القديمة، حيث لوحظ اصطفاف العديد من الزوار طيلة أيام الأسبوع في «طوابير» طويلة يدفعهم حب التعرف على أهم معالم فلسطين ومدنها وحضارتها.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©