خارج مربع التسامح الأخضر، بعيداً عن الود، وتقديم الورد، قريباً من الحسد، وقوة العين، ترى كيف ستسير أمور حياتنا، وكيف هي ردات أفعالنا تجاه ما يفاجئنا به الآخر من تصرفات غير متوقعة:
- كيف ستكون ردة فعلك إن كنت مسافراً على متن طائرة، وما أن حطت على مدرج أرض المطار، حتى سمعت قبطان الطائرة بدلاً من أن يهنئك بسلامة الوصول يقول:
«يا الله فكوا الأحزمة وانزلوا.. خلصونا.. أوففففففف.. ركاب مملين، وبعضهم غير مطعمين»!
- يظهر مذيع على القناة الفضائية، وهو يبتسم غصباً عنه، ويفاجئك بالقول:
«أيها السيدات والسادة، خذ الله هذه الوجوه، اسمعوا نشرتنا الإخبارية لهذا اليوم، والتي لا تسر عدواً، ولا صديقاً، أنتم تجلسون مرتاحين في بيوتكم، وغيركم يذبح في الشارع، ناموا، ناموا أحسن لكم.. نامت عليكم حيطة»!
- تسمع موظفة المطار بصوتها الذي كله غنج ودلال، وهي تعلن للمسافرين:
«على السادة الركاب المتجهين إلى موريشيوس سرعة التوجه إلى الطائرة عبر البوابة رقم (13) إن شاء الله سيرة بلا ردّة.. وعساها سيرة بن عروة»!
- يأتي نادل المطعم، ويضع الصحون بدون نفس، أو يضرب بالملاعق على الطاولة وهو يتنفس من منخر واحد، ويصرعك بالقول:
«ها.. شو بتطفحون؟ ترا ما عندنا غير السم الهاري، وإذا «تبون شيء اسبيشال» ما عندنا غير من القدر البايت»!
- يلقاك شخص صدفة، وأنت تقود أولادك في الـ «مول» تضاحكهم، وتحدثهم عن الفيلم الكرتوني الذي شاهدوه، وتخيرهم ما بين المطاعم التي يحبون الأكل فيها، وفجأة ودون سابق معرفة، يقفز ذاك الشخص أمامك، وقلبه يشتعل، وعينه زرقاء:
«وين ساير هالقطيع.. كأنهم مشكوكون مثل حبات المسبحة، لا والعافية بتطفح من خدودهم، ما أعتقد أن واحداً منهم زار الطبيب منذ ولادته»!
- تمر بجانب سيارة اضطرتك الإشارة الحمراء أن تتوقف بصفها، فيخرج سائقها رأسه من زجاجها الذي بالكاد ينزل، ويعطيك قاصمة المحرك، بقوله:
«عنبوه هالسيارة تقول تغرّها سمن الدار.. أقولك ليش ما تدخلها الرَيّس أحسن لك»!
- يصادف ويلتقيك رجل ضعيف شبه مسلول، ويرى النعمة والعافية باديتين عليك، والضحكة تملأ وجهك، فيغيظه هذا الأمر، فيطلق عليك رصاصة من رصاصات الحسد: «أعنبوك.. تقول بعدك ما انفطمت»!
- تذهب لتصرف شيكاً مصرفياً، وما أن تقف خلف شباك الصراف، وتدفع له بالصك، ويرى الأصفار الكثيرة في حسابك، فتحدثه نفسه: «شوف.. مال قارون، أموال ما تأكلها النيران، تراه يجمعها يوم كان الحصا رطباً، وتلقاه ما يزكي، وأنا العبد الفقير، المصلي، المسمي، الحاج مرتين، والمزكي، لو أظل أعمل الليل والنهار، ولسنين طويلة وقاسية، لن أجمع فائدة فلوسه لمدة سنة، شلك طهف أنت وغوازيك.. يعلها صرصراً عاتية»!
- تلك كانت حالات فانتازية نتخيلها لو حدثت لنا يوماً، لكنّا خارج مربع التسامح الأخضر، بعيداً عن الود.. وتقديم الورد، قريباً من الحسد، في مربع لا يمكن للناس أن تعيش فيه بسلام!