لا يمكن أن نقطع الأمل في أن نرى «الأبيض» يجدد الصعود إلى منصة المتنافسين على بطاقتي التأهل المباشر إلى «المونديال»، لمجرد أن النقاط انفلتت من الكف في المباريات الأربع، كما ينفلت الماء من راحة اليد، إلا أننا في الوقت نفسه لا يمكن أن نتجاوز عن البداءات التكتيكية التي كرستها بدرجات متفاوتة تلك المباريات، والتي جعلت الأداء الجماعي يترنح بشكل يصيب فعلاً بـ «الدوار».
بعد أن كانت لغة الفوز قد تعطلت عند مواجهة «الأبيض» للبنان وسوريا، قلنا إن ما لاح في المباراتين معاً من بوارق تكتيكية يحفز على أن يكون الفريق أفضل حالاً، عندما يحين أوان مواجهة كل من إيران والعراق، بل إن انبعاث حلم التأهل إلى كأس العالم، لا بد وأن يكون في هاتين المباراتين تحديداً، إلا أن ما كان، سواء عند مواجهة المنتخب الإيراني، وعند منازلة الجانب العراقي، شنج تلك الآمال، بل اقتص أجنحتها، كيف لا، و«الأبيض» جنى من المباراتين معاً نقطة وحيدة من خسارة موجعة أمام إيران، ومن تعادل أشد وجعاً وألماً أمام «أسود الرافدين»، ليكتمل مسلسل الهدر ونسف الأحلام.
كان من الممكن أن أتجاوز على «الأبيض» إهداره البشع للنقاط وما أغلاها، لو حصلت مثلكم على ما يقنعني بأن هناك أسلوب لعب يوجد في مرحلة مخاض، وبمولده سيتخلص «الأبيض» من هذا الاحتباس التكتيكي الذي يصيب منظومة اللعب، إلا أن ما شاهدته أشعرني بأن الفريق محاصر داخل ثكنة تكتيكية عتيقة و«آيلة» للسقوط، وما يصدر عنها من أداء لا يمكن أبداً، أن يحمل منتخب الإمارات لقلب ظهر المجن، وتقديم إياب خرافي للقبض على إحدى تأشيرتي العبور للمونديال.
ما العمل إذن؟ هل نبقي كل الثقة في المدرب مارفيك، ونقول إن في وعائه الفني ما يمكن أن يخلص «الأبيض» من الرتابة، ويرفع أداءه الجماعي لمستويات تليق بمنتخب يتأهل لكأس العالم؟
أم ننصت لهمس الأرقام، وهو يحكي برجع الصدى عن حالة الوهن والتعب التي يشكو منها «الأبيض»، فلا أمل إطلاقاً في أن تتحسن الصورة، ويرتقي الأداء الجماعي لما هو أفضل، وبالتالي يكون من الضروري اليوم قبل الغد، أن نخرج مارفيك من غرفة القيادة الفنية، ونبحث عن مدرب يستطيع كسر المياه المتجمدة في بحيرة الأمل؟
أكاد أجزم أن الاتحاد الإماراتي لكرة القدم أدخل كرهاً إلى منطقة مشتعلة، ما كان يرغب فيها أبداً، منطقة تلزمه بأن يتخذ كحال كل الاتحادات ما نسميه بالقرارات المؤلمة، فإما أن يملك القدرة على الاستقراء الجيد والجرأة على صناعة التغيير، ويأتي لـ «الأبيض» بربان يستطيع أن يخرج حلم التأهل إلى «المونديال» من الغليان المفضي إلى التبخر، وإما أن يترك الحبل على الغارب، إلى أن تنتحر الأشواق وتموت الدمعة في الأحداق.