الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد نجاحي.. فنان يعيد الذاكرة للجدران

من أعمال نجاحي (من المصدر)
12 أكتوبر 2021 01:08

محمد نجيم (الرباط)

تنحاز أعمال الفنان المغربي محمد نجاحي إلى استحضار الإنسان في لوحاته التي يعرضها في معرضه الدائم في مراكش والمعارض التي يشارك فيها محلياً وعالمياً، لوحات تتكئ على إمكانات مذهلة تجسد الإنسان الضعيف أمام ما يعرفه العالم من تحول سريع ومتقلب، فالسمة الأساسية التي تميز قماشاته الزيتية هو إصرار هذا الفنان على تقديم الإنسان في بُعده التراجيدي، فضلاً عن استعماله الألوان الرمادية والترابية التي تكسو لوحاته، التي غالباً ما تحمل خدوشاً وبعض العلامات والرموز التي تدفع المتلقي إلى طرح تساؤلات بسبب الإشكالات الفلسفية التي تضمرها، وما تحمله أجساد هذا الفنان في أعماله هي تلك الخدوش التي يراها المتأمل لأعماله، ويمكن تأويلها بأنها الجراح التي تخلفها الهزائم والنكبات والخيبات في حياة تلك الشخوص الضبابية التي يطرحها الفنان في أغلب لوحاته، كدلالة وعلامة بصرية تحمل أكثر من رؤية، عبر شخوص حائرة، تحمل وجوها شاحبة ومُتعبة وكأنها تعيش حالات من الغربة والتيه والتشظي.

  • محمد نجاحي
    محمد نجاحي

الضربات اللونية في أعمال هذا الفنان مدروسة وفق هندسة سرية تجسد رؤية هذا الفنان، فهو ينظر إلى الحياة من خلال شرفة فسيحة للغوص في الأعماق، فنجده يرسم شخوصه كأنها لأناس يعرفهم ويصادفهم في حارات وأزقة مراكش القديمة يصارعون الزمن من أجل لقمة العيش، كما نجد جدران مراكش حاضرة كرمز في لوحاته وهو إذ يقول إن اختيار موضوع جدران مراكش والوجوه الشاحبة والمحدقة في الفراغ، لم يكن وليد المصادفة أو أي نزوع شخصي لمجرد تصوير الجدران بشكل تقليدي، لذلك أعتبر أن الحديث عن هذه التجربة التشكيلية هو بمثابة حديث عن ذاكرة المدينة والجدران والإنسان، كما هي سفر ونبش سوسيو ثقافي في فلسفة تاريخية للآثار الإنسانية والآثار الزمنية، وهو يشبه ما يتركه العابر على تلك الجدران من أشكال التعبير المهمشة، كتابات خدوشات أو رسومات تشدني إليها كلما توقفت لأتأمل أشكال ورموز ما تحمله هذه الجدران داخل أزقة المدينة القديمة من بصمات وتكوينات تشكيلية يتركها العابر وهي غنية بالأصوات وأشكال التعبير المفتوح، وهي جملة من الآثار والعلامات التي تعيد تشكيل الذاكرة والجدران، ثم تنحت مظاهر التلاشي والصمود على منجز إنساني يترجم بشكل أو بأخر قيماً تراثية وفكرية، وتعكس سيكولوجية مجتمع.
إن أعمال هذا الفنان، بما يطرحه من بعد جمالي، تحاول أن تنقل فلسفته ورؤيته للعالم وللأشياء المحيطة بنا، بخلفيات بصرية مفعمة بالشاعرية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©