رفض مجلس حقوق الإنسان للمرة الأولى منذ إنشائه عام 2008 مشروع قرار لتمديد تفويض الخبراء للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، حيث جاء التصويت في المجلس المكوَّن من 47 دولة برفض 21 دولة لمشروع قرار لـ«تمديد تفويض الخبراء الدوليين والإقليميين لفترة أخرى مدتها سنتان»، قدمته هولندا تحت البند الثاني، مقابل تأييد 18 دولة وامتناع سبع دول عن التصويت، في الوقت الذي دعمت فيه الدول العربية قراراً تحت البند العاشر يهدف إلى تقديم المساعدة التقنية وبناء القدرات للجنة الوطنية اليمنية ومساعدتها على تأدية ولايتها في تحقيق المحاسبة والعدالة وجبر الضرر بالتعاون الوثيق مع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة، نظراً لكونها الآلية الأكثر فاعليةً وقدرةً على رصد الانتهاكات ومعالجتها على أرض الواقع.
وكان مجلس حقوق الإنسان قد أنشأ فريقاً من الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين لرصد حالة حقوق الإنسان في اليمن وتقديم تقارير عنها برئاسة السيد كمال الجندوبي (تونس)، وطوال أربع سنوات الماضية أصبح فريق الخبراء الأممي جزءاً من المشكلة اليمنية وتسببت تقاريره في انقسامات حادة بين أعضاء مجلس حقوق الإنسان، وأثبتت تقاريره السنوية فشلاً ذريعاً في توصيف حقائق النزاع وأوضاع حقوق الإنسان في اليمن. فمنذ البداية ارتكب فريق الخبراء العديدَ من التجاوزات القانونية، وعلى رأسها رفضه القبولَ بقرار مجلس الأمن الدولي 2216، ووصفه ميليشيات الحوثي الانقلابية بـ«سلطة الأمر الواقع» ووصف زعيم ميليشيا الحوثي بـ«قائد الثورة» (!)، في تعارض مخزي مع جميع قرارات مجلس الأمن. لقد أثبت فريق الخبراء فشله الذريع في توصيف حقائق النزاع وأوضاع حقوق الإنسان في اليمن، فمنذ إنشاء فريق الخبراء الأممي المعني باليمن تشهد هذه الآلية انقساماً وعدم اتفاق حول عملها وحول التقارير السنوية التي تصدِرها حول اليمن في إطار مجلس حقوق الإنسان. واستمرت العديد من الدول الأعضاء في المجلس في التصويت ضد القرارات المنشِئة لهذه الآلية وبشكل سنوي، وذلك نتيجة لخروجها مراراً وتكراراً عن المهام المناطة بها. وكان جلياً أن تقارير فريق الخبراء الدوليين أسهمت في تعميق الانقسامات وإطالة عمر الصراع والمعاناة الإنسانية للمدنيين في اليمن، بعد أن رفضت كافة الأطراف المعنية بالصراع في اليمن التعاون معهم، في ظل ما شاب عملهم من خروج على المعايير الدولية لإنجاز المسؤولية المتعلقة بمهام لجان الحقيقة والتحقيق الدولية.
وكانت الحكومة اليمنية والتحالف قد قرارا عدم التعاون مع هذا الفريق بعد أن أصدر تقريراً في عام 2018 شابَهُ الكثيرُ من المغالطات والافتراءات والاستهداف، وقام على أسس ومعايير باطلة. وظل الفريق يمارس عمله خارج اليمن بمعايير مزدوجة ومنهجية عمل غير سليمة تعتمد على وسائل للمعلومات ليست موثقة ولا دقيقة، وبالتالي احتوت تقاريره على العديد من الافتراءات والاتهامات بحق دول التحالف، إضافة إلى ما ترتب عليها من تعميق الفجوة بين مكونات المجتمع اليمني داخلياً، والتشويش على الرأي العام الدولي، وتشويه الحقائق خارجياً بشأن واقع الأزمة اليمنية منذ بداياتها وحتى اليوم.
ويعكس رفض مشروع القرار الأوروبي فهماً واضحاً لانعكاسات تسييس قضايا حقوق الإنسان على التقارير الدولية التي يفترض حيادها في معالجة الأزمات، وفي توحيد المجتمع الدولي ضد الاستقطابات الحادة وتنفيذ الأجندات الخاصة، في توجه جديد ومحمود لمجلس حقوق الإنسان يسهم في المحافظة على المعايير والقيم السامية التي ينتهجها المجلس إطاراً لعمله. 

كاتبة إماراتية