لبريق إكسبو رائحة التاريخ العريق لمنطقة طالما عبقت العالم بعطر الأنا المنفتحة على الوجود، بكل جود،  ولصوت إكسبو تبدو السيمفونية رائقة، وشيقة، ولبقة، تجتاح الأسماع بنغمة إماراتية فريدة عتيدة، تليدة لا تضاهيها غير ذاتها، ولا تساويها غيرها، هي هكذا أشعلت دبي سراج الود، والسد، وأمعنت في إضاءة الوجدان العالمي بمصابيح التفرد والاستثنائية، واستطاعت دبي أن تصل العالم عبر مناطيد الشفافية، فعبرت المحيط الكوني، وسردت القصة منذ بدء الخلق وحتى بدء الإبداع، وهي تمضي بالمراكب نحو المزيد من التألق، والكثير من التدفق، ولا غرابة بأن تكون دبي هكذا طالما آمنت القيادة بقدرة الإنسان على التحول من منطقة التجمد إلى منطقة الذوبان في مصاهر الإرادة الحرة، والتي لا تقبع إلا عند زخات الأمطار، وعند هطول الطموحات الرخية، وعند سيل وديان الحب الرضية.
في إكسبو العالم يتمشى على رقاقة المخمل، ويخيط مشاعره بأهداب الجمال، حيث مصباح النور يختزل ظلام العالم، وحيث نقطة المطر تزيح عن كواهل الشعوب جفاف مراحل، وعقم سواحل.
هكذا تبدو اليوم دبي في حلة أبدع من حلل الأزهار، والأشجار، إنها القلائد التي اتشحت على صدر الوطن، واتسعت، رقعتها الجمالية لتصير دبي اليوم، الفلك والعالم يدور في أعقابه، ويبحث عن ذاته في ثنيات هذه الدانة، مكتسيا روح العفوية، مكتسباً حيويته، وتلقائية النمو والارتقاء.
دبي اليوم تبرز أكسبو كحالة استثنائية، تملأ الوجود أملاً في حياة خالية من الضغائن، خاوية من هدير الكراهية، وتمضي، وتسري في عروق الشجر، والصخر، واليابسة والبحر، لتنبئ الناس جميعاً بأن الحياة من دون أنوات متضخمة، أحلى وأجلى، وأن التطور لا يدخل إلا من الأبواب المشرعة لتقاسم رغيف المحبة، والتشارك في بناء الجسور، لتبقى الطرق سالكة، منهمكة في استقبال الوجوه بابتسامات صادقة، وأيد مشرقة، دفؤها من عرق الوثبات باتجاه الآخر.
اليوم تبدو دبي وكأنها تعيد صياغة معطف العالم، ليصير دافئاً ناعماً، وبلا رتوش تؤرق لابسيه.
اليوم دبي في هذا المحفل الكوني الفخم، توسع من الوعي وتعمل على وضع المنمنمات على جدرانه الصقيلة، وتلونه بفسيفساء أجمل من ريش الطاووس، وألبق من جيد الغزلان، وأحلى من عيون الطير.
هكذا تصبح دبي، وقد استكملت طيات محسناتها البديعية، لتستأنف احتضان مشاعر الملايين من الزوار الذين يأتون ليتأملوا اللوحة التشكيلية، المترعة بأجمل اللمسات، وأكمل الهمسات.