عندما افتتح المركز التجاري الكبير بين الباهية والشهامة صيف 2013، تطرقت لتسميته الأجنبية، وجمال وروعته لو كان بلغتنا الجميلة رمز هويتنا الوطنية. ليس فقط لأنها لغتنا الرسمية، وإنما لأهميتها في تأكيد وترسيخ هوية المكان.
اليوم بعد أكثر من ثمانية أعوام على افتتاحه، ما زالت شرائح واسعة من المواطنين والمقيمين العرب وحتى غيرهم تطلق عليه «مول الشهامة» والبعض «مول الباهية» وقلة تذكره باسمه الرسمي «ديرفيلدز مول»، ويعني بلغتنا الجميلة «مرابع الظباء».
أُعيد طرح الموضوع بعد افتتاح وجهة تجارية وترفهية جديدة في مدينة الرياض التي تُعد أحدث الضواحي السكنية بالعاصمة أبوظبي، وقد أطلقوا عليها «الرياض كورت يارد»، وستتمسك الناس تلقائياً بأنه «مول الرياض»؛ لأنه يعبر عنهم وعن المكان.
في السبعينيات رغم الانشغال بتوطيد وترسيخ مؤسسات الدولة، حرصت البلديات وبالذات بلديتي أبوظبي ودبي على وجود قسم تابع للرخص التجارية يُعنى بأسماء المحال والمؤسسات التجارية قبل ظهور المراكز التجارية الحديثة بعقود كثيرة، حيث كان ذلك القسم يُعنى بضمان عدم تشابه الأسماء في النشاط الواحد بين أكثر من محل وتاجر، وكذلك انسجامه مع هوية المكان والذوق العام.
اليوم ونحن نشهد تحولات كبيرة وعظيمة، تابعنا الاهتمام الفائق والرعاية الكبيرة التي توليها قيادتنا الرشيدة باللغة العربية من خلال القرارات التي تؤكد على استخدامها في التعاملات مع الوزارات والدوائر الحكومية، باعتبارها اللغة الرسمية للبلاد، كما أكد على ذلك دستور الدولة.
هناك كذلك مركز اللغة العربية في أبوظبي ودوره للتحليق بلغتنا الجميلة نحو آفاق بلا حدود من المعرفة والانتشار والتواصل الحضاري مع بقية الثقافات للتعريف ليس بجمالها وحسب، وإنما بقدراتها والشأن الرفيع الذي بلغته وأثرت من خلاله حضارات العالم التي تدين لها بالكثير.
 التمسك باللغة الأم لم يكن في يوم من مظاهر التعصب والانغلاق قدر ما يعد أبلغ صور الاعتداد والفخر بالهوية الوطنية لكل شعب. خالطنا الكثير من الثقافات والشعوب خلال رحلاتنا الخارجية، سواء للعمل أو السياحة أو التجارة، ولمسنا مقدار تمسكهم بلغتهم، حتى للذين يجيدون لغات أخرى تجدهم يفضلون الاستعانة بمترجم. ولمست ذلك خلال زياراتي لليابان وكوريا الجنوبية وفرنسا وألمانيا وغيرها من البلدان.
نحن بحاجة للتفاعل مع مبادرات الدولة بإعلاء شأن لغتنا العربية التي أكرمها الخالق عز وجل وجعلها لغة كتابه المبين، فهي ليست أداة للتخاطب، وإنما تحمل كل رموز ودلالات هويتنا الوطنية، والمسألة أبعد من مجرد تسمية لمركز تجاري.