دبي النموذج والمثال، وهي الرونق في البوح والمآل، هي الصورة مندمجة في ملحمة شعرية تتماهى والنجم، وتتباهى في عدل معطياتها، وجذل منتجها، وجزيل وثباتها، حيث هي المدينة التي شهقت عبارة الأمم المتحدة عندما راق لها أن تتميز بين المدن فرأت ما يراه الحالم في ليلة تفيض بالصور الزاهية، والكلمات المنمقة، والطرح الاقتصادي، وما يتعلق بالمرونة، والذكاء، والاستدامة، وسيولة الأفكار وهي تسير في جداول الأنهار، مكتسية لباقتها من نظام إداري محبوك مثل قماشة الحرير، مسبوك مثل القلادة، منسوج مثل سجادة أذرية، منسق مثل فصوص البلورات عند باقة مخملية الأمر الذي جعل العيون مندهشة، تملي على الأنامل ما يبهر، ويزهر في النفوس، ويزدهر في الضمائر، ولا جواب حول دبي، سوى أنها مدينة مثل حبات الزمرد معلقة في سلسال لازوردي مهيب، عجيب، رهيب، غريب، لا يمكن للأذهان التقليدية أن تفسر سر النظرية وفلسفة البقاء دوماً عند هامات النجوم، وترتع عند شغاف الغيمة، في حوار وجودي، يطرح أسئلة الوجود من حيث ما بدأت دبي، ولم تزل الطريق مفتوحة لاحتمالات قد لا تخطر على بال بشر، ولكن المبدعين هم الذين يحللون النظرية، ويبرهنون على نجاحهم عندما يرون أنفسهم أنهم هم الوحيدون في هذا العالم الذين شاركوا القصيدة في بناء الوطن، وجعلوا من أبياتها بحوراً للتدفق، ومن قوافيها، أنساقاً للتألق، ومن أوزانها مجالات للتناسق.
هذه دبي اليوم، تتوج بالتفوق، وتكلل بالفرادة، وسيرتها فراشات تحلق عند كل شفة، واسمها يرتفع مع ارتفاع البقعة السماوية، ومشاريعها، تتمدد خيوطاً وترسم صورة لفنان رسم القصيدة، كما نقش جدران المدينة، بأنامل، وقريحة، يسيران معاً بدبي لكي تظل في عيون الأنام أغنية خالدة، موقرة، متسامية، لا تحد طموحاتها حدود، ولا تعرقلها كأداء، لأنها مدينة كطفلة فطمت على مناغاة الشاعر، وهدهدة الشعر، مدينة كأغنية قيثارة فنانها هي تلك القصيدة التي تناديه في الليل، ليكتب أبياتها، ويسجل مذكراته ضمن قصصه الخمسين، إنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي «رعاه الله».
وعندما تبني المدن من خيوط القصيدة لا بد وأن تكون في البناء أسطورة، وفي السمعة ملحمة، وفي الصورة أيقونة، وفي الحياة تغريدة أبدية.