مَن يطالع قرار البرلمان الأوروبي الأخير بشأن دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي ليس له ملامح واضحة، يظن بأن هذا العالم الذي نعيش فيه أصبح خالياً تماماً من أي ظلم لحقوق الإنسان، أو أنه لم تبق للإنسان في هذا العالم حقوق إلاّ ونالها! والحقيقة أن حقوق الإنسان في العالم تُنتهَك يومياً على مرأى ومسمع من البرلمان الأوروبي، قبل وبعد قراره الأخير غير المتوازن والبعيد كل البعد عن أي منطق عقلاني.

لذلك لا يمكن للمرء إلا أن يتساءل: أين كان البرلمان الأوروبي عندما انتُهكت حقوق الإنسان في البوسنة والهرسك ولم يتحرك العالم آنذاك إلا بعد أن ارتكبت كافة أنواع الانتهاكات في أقرب بقعة إلى البرلمان الأوربي نفسه؟ وأين البرلمان الأوروبي من انتهاكات حقوق الأقليات في العالم وفي بؤر وبقاع منه لا تخفى على أحد؟ وأين البرلمان الأوروبي من انتهاك حقوق الإنسان في مستعمرات الدول الأوروبية التي ظلت آثارها حتى وقت قريب تسبب معاناة لتلك البلدان ومجتمعاتها؟ وهل نسي البرلمان الأوربي أو تناسى تلك المرحلة من تاريخ أوروبا، وما صحبها من مظالم وانتهاكات للحقوق الإنسان كفرد وكمجتمع في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية؟ كان من الأجدى للبرلمان الأوروبي أن يركز جهودَه على بؤر انتهاكات حقوق الإنسان في العالم، وهي بلا شك متعددة وأكثر من أن تحصى، لكنه اختار أن يصدر قراراً بائساً يعبّر عن إفلاس حقيقي لمن تبنَّوه. إن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة شهد لها القاصي والداني، وعلى أعلى المستويات في العالم.

فدولة الإمارات من أوائل الدول التي ينعم فيها الإنسان بالكرامة والراحة والاحترام، وتأتي في المراتب الأولى على صعيد مؤشر السعادة العالمي ضمن آخر تقاريره المنشورة. ولعل الانتقادات اللاذعة والإدانات الواسعة التي تم توجيهها لقرار البرلمان الأوروبي من داخل دولة الإمارات وخارجها، والاستنكارات التي توالت في العالم بأسره، تعكس إيماناً قوياً وواسعاً بحقيقة ذلك القرار الخاطئ والظالم، والذي يتنافى مع الواقع بقدر ما يتناقض مع المبدأ الحاكم للعلاقات الدولية، وهو مبدأ احترام السيادة الوطنية للدول كما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة، والقاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

وأخيراً نقول بأن كم المواقف الداعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة والمتضامنة معها عقب قرار البرلمان الأوروبي، يظهِر إلى أي حد كان البرلمانيون الذين أصدروا ذلك القرار منفصلون عن الواقع، كما يظهر بالقدر نفسه حجم الاحترام الذي تحظى به دولة الإمارات على الصعيد العالمي، وفي ذلك شهادة واضحة على صحة موقفها الرائد والسبّاق في مجال حقوق الإنسان، بعيداً عن أي مبالغات أو دعايات أو مزايدات.

*كاتب كويتي