لا ندري عن أي حقوق إنسان يتحدث البرلمان الأوروبي، عندما يتطرق إلى علاقة دولة الإمارات بهذه الحقوق، ولا ندري أين هذا البرلمان عندما تنتهك حقوق المهاجرين في شمال أفريقيا، وعندما ترفع الجدران، وتسور الحدود، ليبقى هؤلاء المغبونون عرضة لأمواج البحر المتوسط، وضواريه وأخطاره.
وسوف تشهد أوروبا المزيد من هذه التشققات في الضمير الأوروبي، لأن الثورات التي جاءت لتنقذ الإنسان هناك، فشلت في ترسيخ رسالتها، لأن اللاشعور الجمعي لم يزل غاطساً في الفوقية، والتعالي، والانتهازية، والعدائية للآخر، نظرة مغلوطة يرتكبها الضمير البرلماني الأوروبي، لأنه لم يزل بعد يعاني من الفروق الفردية، والاجتماعية بينه وبين الآخر، الأمر الذي يجعله يقشعر بدناً، عندما يلاحظ أي تفوق لدى الآخر، وبالذات في المجال الذي يخص الإنسان ورفعته، وتطوره، وراحته وسعادته، وما الحملة الشعواء ضد الإمارات، إلا نتيجة لهذا التفوق الإماراتي الذي أبهر العالم المحب لهذه الدولة، كما أغاض الكارهين للحياة، المنغمسين في معطف الحقد، والذائبين حرقة وكمداً، وهم يرون دولة فتية حققت ما لا تستطيع دول تعد نفسها من تلك الحضارة المعتقة، ونسي هؤلاء بأن الحضارات لا تقاس بأرقام الزمن، وإنما مقياسها يكمن في الضمير الحي، والوعي بأهمية أن يكون الإنسان محباً قبل كل شيء، وأن يكون مندمجاً مع الآخر، في هذا الوجود الذي لا يعترف بالمزق، ولا بالطرائق القدد، زمن يحترم الذين يتحررون من عقدهم الذاتية، ومن الأنا المتضخمة، ومن كراهية الآخر، زمن يشد على أيدي عشاق الحياة، ومنتجي قصائد الفرح، وفرسان المواقف الصعبة، والظروف العصيبة.
الإمارات لا تمضي إلى النهر بمفردها، بل تحتفي بكل الرواد الذين يرون في عذب التطور، أكسير نجاح، والذين ينتمون إلى الوجود من دون اختلال في موازين التقييم، والتقويم.
الإمارات نشأت على أن لا تألو جهداً في تنمية العلاقة مع الآخر على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، لذلك فهي عالمية المنهج، أممية التوجه من دون التفريط بهويتها، وقوانينها، وثوابتها.
هذه الصرامة، وهذه القوة الحازمة هي التي تغيض ضعاف النفوس، والأنانيين.
هذه السمة الإماراتية هي التي تستفز الصغار مهما تعالوا، وتورموا، وانتفخت أوداجهم.