في بداية شهر سبتمبر الحالي، أطلقت القيادات العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة ما أُطلق عليه مبادرة الخمسين عاماً القادمة من عمر الدولة الاتحادية على الصعيد الاقتصادي والتنموي.

جاءت بواكير تلك المبادرة في شكل حزمة ضخمة من المشاريع التنموية قوامها 50 مشروعاً تحمل مسمى «مشاريع الخمسين» التي تؤسس لدورة تنموية شاملة والدولة على وشك الدخول في الخمسين سنة القادمة التي ستسير من خلالها صعوداً إلى مئويتها الأولى في الثاني من ديسمبر 2017. وتشير المؤشرات الأولى لشكل ومضمون مشاريع الخمسين إلى وجود منظومة كبرى من المبادرات الجديدة النوعية والرائدة والمتكاملة من المشاريع الاقتصادية الكبرى الهادفة إلى دعم الاقتصاد الوطني وخدمة الوطن والمواطنين وضعتها الحكومة الاتحادية لدعم استراتيجيتها الوطنية الشاملة التي تهدف في نهاية المطاف إلى وضع لبنات راسخة ترسي الأسس المتينة لاقتصاد وطني ونمو اقتصادي طموح للبلاد وأهلها والمقيمين فيها. وهذه الرؤية الواضحة لما يجب أن تكون عليه البلاد واقتصادها على مدى الخمسين سنة القادمة، لا تأتي من فراغ، لكن من أهمية دولة الإمارات في عالم اليوم وما وصلت إليه من رفعة ومنعة على الصعد كافة حتى اليوم، فهي تعتبر الآن من أهم الدول ذات الاقتصادات المزدهرة التي تخدم الاقتصاد العالمي والمفعمة بالحيوية والنشاط والرقي، بالإضافة إلى ما تتمتع به من أهمية استراتيجية كدولة منتجة للنفط والغاز الطبيعي.

هذه المزايا الاقتصادية والاستراتيجية جعلت دولة الإمارات من أكثر الدول العربية والإقليمية تأثيراً في الشأن العالمي اقتصادياً وتجارياً وسياسياً واستراتيجياً، وأكثر فعلاً في الشأن العالمي واستجابة لدواعي تحقيق الأمن والسلم والبحث عن السلام العالمي من خلال القوة الناعمة التي صارت تمتلكها.

من الأمور الملفتة جداً في مشاريع الخمسين هو التركيز الشديد على القطاع الخاص وخلق شراكة حقيقية بينه وبين القطاعات العامة، حيث تم تخصيص 24 مليار درهم لاستيعاب 75 ألف مواطن للعمل في القطاع الخاص، وهذه عملية رائدة ستكون عند إنجازها الأولى في المنطقة العربية وجوارها الجغرافي.والمهم في الأمر هو أن الدولة والحكومة الاتحادية والحكومات المحلية يسعون جميعاً إلى تشجيع القطاع الخاص لاستيعاب المواطنين ضمن كوادره العاملة مع عدم الإخلال بمبدأ تحقيق الأرباح الذي يسعى إليه القطاع الخاص في كل مكان وزمان. وضمن ذلك يسعى الجميع إلى تنويع مصادر الدخل والمصادر الاقتصادية بشكل عام.

والواقع أن الإمارات هي أول دولة منتجة للنفط والغاز الطبيعي بغزارة تمكنت من تنويع مصادر مداخيلها ومواردها الاقتصادية منذ زمن ليس بالقصير ما وفر لها مداخيل مالية مجزية وموارد قوية ترتب عليها وجود اقتصاد متين لا بد من استمرارية المحافظة عليه وخلق الظروف والأجواء المناسبة له للسير إلى الأمام بثبات وقوة أكبر. والمتتبع لمسيرة الدولة خلال الخمسين عاماً المنصرمة يلاحظ بأن الأمور الاقتصادية في البلاد سارت وفقاً لتخطيط سليم وأسس مدروسة خلقت الوفرة الاقتصادية القائمة. ذلك الوضع عاد على البلاد بسيولة نقدية مجزية قامت الدولة الاتحادية بتوجيه جزء لا يستهان به منها نحو الاستثمار في النشاطات الاقتصادية والتجارية والمالية في داخل الدول وخارجها حيثما تواجدت الفرص السانحة والفوائد المرجوة والمناخات السياسية الآمنة. وفي الداخل تم إنشاء العديد من المشاريع الاقتصادية العملاقة التي تعمل في شتى المجالات وتقوم الدولة بدعمها والإسهام فيها بالأموال والخبرات متعاضدة مع القطاع الخاص. لذلك، فإن المتمعن في الأوضاع الاقتصادية القائمة لدولة الإمارات لا بد وأن يقدر ويثمن الجهود المبذولة ويعجب بها، بل وينبهر لقوة ما تحقق حتى الآن، فقد تحولت البلاد بجهود قيادتها وشعبها من دولة جديدة قامت في الربع الأخير من القرن العشرين إلى شيء جديد يشار إليه بالبنان في كل محفل وكل أمر مفيد للبشرية جمعاء، وارتفعت مستويات معيشة المواطنين بعدما كان كثيرون منهم يعيشون عند حد الكفاف ليصبحوا أصحاب مداخيل فردية هي من بين الأعلى في العالم. يحق لنا أن نفخر بك أيها الوطن العزيز، وأن نكون مخلصين لقياداتك وترابك وإلى الأمام.