مر قرابة العامين على جائحة فيروس كورونا التي فاجأت العالم بسرعة انتشارها المقلق وبتداعياتها الثقيلة في مختلف المجالات، لاسيما في لحظات بدا فيها أنها باتت تمثل تهديداً للبشرية ينذر بخطر الموت والفناء، ما أجبر الجميع على تطبيق أشد إجراءات الوقاية والحذر من أجل التصدي لمخاطر الإصابة وانتقال العدوى. لا أحد كان يتوقع جائحة الفيروس المستجد الذي هزم العالم في أشهره الأولى على الأقل، وعصف بالاقتصادات، وشل حركة المجتمعات شرقاً وغرباً وشمالا وجنوباً، وعطّل عجلة الحياة وأفلس الشركات والمؤسسات والأفراد.

الجائحة أوقفت النظام التعليمي، وألغت المناسبات الاجتماعية، وحالت دون التواصل الاجتماعي بين الناس (الأهل والأقارب والأصدقاء)، وأربكت شركات الطيران وحركة السفن والمواصلات. ورغم كل ذلك يأتي «إكسبو 2020 دبي العالمي» ضيفاً عزيزاً ليحل في دولة الإمارات العربية المتحدة التي بذلت جهوداً مخلصة واستعدادات كبيرة من أجل تنظيم ناجح ومتميز ومتفرد لدورة المعرض الدولي الأشهر والأكبر الذي ينطلق في الأول من أكتوبر المقبل، ويستقطب  بلدان العالم كلها من دون استثناء، في ظروف استثنائية للغاية.

وقد قررت دولة الإمارات استضافة وتنظيم هذا المحفل التجاري الدولي الكبير والمهم والمؤثر والمرموق، والذي يعد أقدم المعارض الدولية التجارية بالعالم وأهمها، لكثرة عدد الدول المشاركة فيه والشركات العارضة فيه، ولكثرة زواره وضيوفه أيضاً. وإلى ذلك فهو يعد حلقة وصل بين كافة دول العالم، حيث تأسس هذا المحفل الدولي ليصبح أكبر منصة تجارية مؤثرة يتم تنظيمها كل 5 سنوات في إحدى مدن العالم المرموقة ذات السمعة والمكانة المتميزة، ليزيد سمعتها العالمية اتساعاً.

منذ منتصف القرن التاسع عشر وإلى الآن، وتحديداً منذ أول دورة للمعرض في لندن عام 1851، يجمع إكسبو أحدث الصناعات والاختراعات والمنتجات الحرفية والمهارات العالية والأفكار المستجدة.. من كل دول العالم وجهاته ومنظماته المشاركة، لتحظى بسمعة ومكانة دوليتين، ولكي تحصل لمنتجاتها ومخترعاتها على الاعتراف والرواج. قبل تطور التكنولوجيا الرقمية والإلكترونية الحديثة الدقيقة المدهشة، والتي زادت المنتجات التجارية والصناعية دقةً وجودةً، أُطلق على أول دورة لمعرض إكسبو في العالم، وقد استضافتها العاصمة البريطانية لندن، اسم «المعرض العظيم»، لكثرة الدول المشاركة فيه، ولتنوع العروض التجارية والابتكارات ومنصات العرض المختلفة التي تمثل الدول الصناعية والشركات التجارية في العالم بأجمعه، ولكثرة المركات ذات السمعة المرموقة، والتي سعت لتوسيع سمعتها من خلال هذا المحفل المتخصص والمهم. وما فتئ الاهتمام الدولي بمعرض إكسبو العالمي ذائع الصيت يزداد ويتعاظم، خاصة بعد فوز دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلةً في مدينة دبي باستضافة «إكسبو 2020»، بعد منافسة قوية، متفوقةً بذلك على البرازيل وروسيا وتركيا، نظراً لأهمية مدينة دبي، وهي المدينة الخليجية العربية الاستراتيجية التجارية والاقتصادية والمالية، ولما لها من قدرة على حسن التنظيم، ولامتلاكها أفضل الوسائل والسياسات والأساليب والتجارب، حيث أصبحت دبي من المدن الجاذبة المرغوبة، كما باتت بيئة مستقطِبةً للنشاطات التجارية والاقتصادية والمالية، وذلك لما ميزها من شفافية التعامل مع الشركات والمؤسسات الاستثمارية والتجارية المحلية والعربية والأجنبية. ورغم جائحة كورونا التي شلت العالم وأنهكت اقتصاداته، فقد وُفِّقت مدينة دبي في الاختيار ونجحت في الاختبار، متسلحةً بطموح لا ينضب ولا يتوقف، لنسعد جميعاً برؤية تجربة عربية تنجح وتتميز وتنهض، في مدينة خليجية حديثة نهضت من الصحراء لتعانق السماء في ظروف استثنائية وفي زمن قصير.