الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

علي يوسف السعد يكتب: الصديق قبل الطريق

علي يوسف السعد يكتب: الصديق قبل الطريق
14 سبتمبر 2021 01:02

لطالما سمعنا جملة «الصّديق قبل الطّريق»، و«الجار قبل الدار». فلماذا كلّ هذا الاهتمام برفيق الدّرب؟
إن كنت من محبّي السّفر والسّيّاحة، فعليك أن تجعل قاعدتك الأساسيّة هي تلك الجملة «الصّديق قبل الطّريق».
أتذكّر أنّي قرأت قصّةً عن مجموعةٍ من الأصدقاء فكّروا في السّفر لإحدى الدّول لقضاء عطلتهم والاستمتاع بها. كانت اللّيلة السّابقة للسّفر ليلة كلّها تشويق وتخطيط وتأمّل لما سيحدث معهم، وما سيفعلونه في أثناء رحلتهم، والأماكن الّتي يرغبون في زيارتها، والكثير من الخطط، حتّى جافى النّوم عيونهم. وعندما بدأت الرحلة كان الأمر - في بدايته- طبيعيّاً من حيث الاستمتاع والتشويق وتطبيق الخطة كما تم الاتفاق عليها، ولكن أحدهم كان شديد الضّجر والاستياء من كلّ ما يحط حوله، كثير الشّكوى من التّغيّر في الجوّ والمسافات الطّويلة والطّعام، والاعتراض على كلّ شيء، إضافة إلى تعابير الوجه الّتي تجعلك نادماً على اصطحابه، ممّا يؤثر في كل أفراد الرّحلة. بمعنى أصحّ لم يعجبه العجب، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كان يُكدّر مزاج أصدقائه برفضه للخروج معهم، أو التّعليق بتهكّم على كلّ ما يفعلونه، ممّا هدم كلّ المتعة، وحطّم الآمال على صخرة هذا الصّديق المزعج، فانقلبت نفسيّاتهم، وبدلاً من الرغبة بقضاء وقتٍ أكثر في رحلتهم والاستمتاع بها، أصبحوا يتطلّعون للعودة على متن أول طائرة، لتنتهي هذه السّاعات التّعيسة بسرعة.
من هنا كان جمال الطّريق بجمال الصّديق. فكم من أوقاتٍ قضيناها مع أصدقائنا بغاية السّعادة والفرح بأبسط الإمكانيّات لجمال صديق الدّرب، وجمال أخلاقه وصفاته، وتحمّله للمشاقّ من أجل المجموعة ومن أجل نجاح الرّحلة.
الصّديق هو الشّخص الّذي يُسهّل علينا المرور في رحلة الحياة، واجتياز صِعابها. ولم يكن اختيار الصّديق يوماً بالأمر السّهل أو الهيّن، فالصّداقة أخذ وعطاء، وقبول ورضا، وحقوق وواجبات، ونصيحة وعتاب، يجب على الأصدقاء تقبُّلها والعمل بها، وإلّا سيكون الأمر في غاية الصّعوبة.
وأحياناً يتوجّب عليك ألّا تسافر مع صديقك حتّى لا تخسره، وأن تختار صديق الرّحلة على حسب المعطيات، فهناك أذواق ستختلف عن ذوقك. فاحرص على أن يكون المرافق لك على نفس هواك، وعلى اختلاف مستويات النّاس. فالبعض يحبّ التّحدي، ولا يمانع بقليل من المعاناة في سبيل اكتشاف المكان، وهناك من سيتأفّف من كلّ وجبة، ومن كلّ تغيير، وسيبحث عن مستوى يليق به. فحتّى لا تخسر مثل هذا الصّديق لا تسافر معه.
من هنا كانت الحكمة الرّائعة «الصّديق قبل الطّريق». فإن أردت أن تستمتع في طريقك، وأن تتجاوز عقبات الحياة، وأن تجد المساند لك في كل حالاتك، فابحث عن الصّديق الصّحيح لك، الّذي تتّفق معه، وكلّ منكما يكمّل الآخر. وعلينا أن لا ننسى مقولة رسولنا محمّد، صلّى الله عليه وسلّم «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©