السلام إماراتي في الوجود قبل أن تفرج الأرض عن كائناتها، فما إن بزغ نجم هذه الدولة وافترشت ملاءتها، الفضية، حتى انبلج فجر السلام، وكان سلاماً بمهر صحراوي يحمل في طياته رمل الطمأنينة، والذي بنت منه الكائنات مهدها، لتطرد سهداً أعيا الخاطر البشري وأتعب مهجته، وسطى على راحته، وغيب هناءه، ونهب سعادته.
في الإمارات، يسير السلام في الحياة، كما يسير الدم في الجسد، وتمضي أغنياته في الكون كما تمضي النسائم بين ضلوع الأشجار، ولا يغض طرف، ولا يغمض جفن ولا يكف قلب عن الرجفة، ما دام السلام يعيث فساداً في اللهو، والعبث، وسوء التصرف. لذلك وضعت الإمارات منهجاً لعقد الصداقة مع السلام، وأبرمت وعداً، وعهداً مع الصفاء ليكون السلام حقيقياً.
عندما تنتفي الأفكار المسبقة، يصبح السلام بعلاقة وطيدة مع النفس، كما هي العلاقة بين الشمس وخيوطها الذهبية، كما هي العلاقة بين العشاق حين تكون قلوبهم كائنات تجلس على نهر جار.
السلام مثل موال بحري يترنم به مشتاق إلى سواحل الدفء، السلام مثل «سلة» يشدو بها متيم أضناه الفراق، السلام حاجة بيولوجية، لا تكبر الأوطان إلا بحضورها، ولوفرة، السلام مطلب إنساني على مر التاريخ وعندما تهيض أجنحته، مخالب الكراهية، تصبح الحياة شوهاء، عشواء، شعواء، مبتورة الأذنين، مكممة الفم، مسملة العينين، فلا تسمع، ولا ترى، ولا تتكلم، أذن هي كأين معاق في غياب السلام.
لذلك فإن سعي الإمارات لهذا الأكسير الكوني، لهذه التعويذة البشرية هو سعي حتمي، مشروط بالوعي، مختوم بتوقيع من العقل القادر على وضع الإنسانية في منأى من الخزعبلات، التي تؤدي إلى تلاشي ضوء السلام، هي تلك القيم البالية المحمولة على أكتاف الشوفينية، والطائفية، والعرقية، وغيرها من الحواجب الكثة التي تحجب الرؤية وتمنع العين من رؤية الأشياء، كما هي وليس كما يراها ضعيف النظر.
ينعم العالم في السلام عندما يتحرر من مطالب الأنا، وعندما تصبح الأنا جزءاً لا يتجزأ من الآخر، ويغوص العالم في الحروب، والانكسارات الأرضية، عندما تتضخم الأنا ويقول كل واحد منا، «أنا ومن بعدي الطوفان».
هكذا تعي الإمارات السلام، وهكذا تفهم معناه.