شير آخر البيانات والتقديرات إلى إصابة أكثر من 55 مليون شخص حول العالم بالعته أو الخرف (Dementia)، مع التوقع بأن يزداد هذا العدد إلى 78 مليون شخص بنهاية العقد الحالي، وإلى 139 مليون بحلول عام 2050. وعلى الرغم من ذلك، فإنه في ربع دول العالم فقط توجد سياسة وطنية واستراتيجية أو خطة لدعم المصابين بالخرف وعائلاتهم، حسب تقرير صدر يوم الخميس الماضي عن منظمة الصحة العالمية وحمل عنوان «تقرير الوضع الدولي عن الرعاية الصحية الأولية للمصابين بالخرف».

وكما هو متوقع، يوجد نصف الدول التي تحظى باستراتيجية وخطة للتعامل مع الخرف بين أفراد شعوبها في المنطقة الأوروبية، بينما يتوزع النصف الآخر على مختلف مناطق العالم، وتظل ثلاثة أرباع دول العالم، من دون سياسة وطنية، أو خطة قومية للتعامل مع هذه الحالة الطبية التي يتزايد عدد المصابين بها يوماً بعد يوم. وحتى في الدول الأوروبية، نجد أن العديد من الخطط القومية والسياسات الوطنية، إما على وشك الانتهاء قريباً، أو انتهت بالفعل، مما يشير إلى الحاجة إلى تجديد الالتزام الحكومي والوطني. والعته أو الخرف، والذي أحياناً ما يطلق عليه بشكل غير دقيق (خرف الشيخوخة) كونه ينتشر بمعدلات أكبر بين كبار السن، هو حالة طبية عصبية ونفسية وجسدية، تنتج عن عدد من الأمراض التي تصيب المخ، أو من الإصابات المباشرة، كما هو الحال مع مرض الزهايمر، أو بعد الإصابة بالسكتة الدماغية جراء نزيف شرايين المخ أو انسدادها.

ويؤثر هذا المرض على الذاكرة والقدرات الذهنية والملكات العقلية للمصابين، وهو ما يؤثر بالتبعية على قدرتهم على أداء مهام الحياة اليومية الاعتيادية. وبخلاف الثمن الإنساني المتمثل في انخفاض نوعية الحياة والمضاعفات الصحية لعشرات الملايين من المصابين، يحمل الخرف ثمناً اقتصادياً، يقدر حالياً بنحو 1.3 تريليون دولار، يتوقع بلوغه 1.7 تريليون دولار بحلول عام 2030، أو 2.8 تريليون دولار إذا ما وضعنا في الحسبان الزيادة المتوقعة في تكلفة الرعاية الصحية والاجتماعية. وأمام هذا الوضع برمته، أصبح من الضروري والهام، وضع وتفعيل وتنفيذ سياسات قومية ووطنية، لدعم نوعية الرعاية الصحية للمصابين بالخرف، ولدعم الأشخاص الذين يوفرون الرعاية لهم، سواء بشكل رسمي في المنشآت الصحية، أو بشكل غير رسمي من خلال أفراد العائلة والأصدقاء، وخصوصاً النساء اللائي يقع على كاهلهن 70% من الرعاية المقدمة حالياً للمصابين بالخرف، سواء في المنشآت الصحية أو في المنازل والبيوت.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية