قبل مباراة أنجولا وبعدها في تصفيات أفريقيا لكأس العالم، ظل اسم محمد صلاح يتردد في أوساط الجهاز الفني والاتحاد والجماهير، باعتبار أن غيابه كان مؤثراً للغاية، وعندما توجّه صلاح إلى الجابون للمشاركة مع منتخب مصر أمام الجابون، كانت الأحاديث تدور حول قوة صلاح، وأهمية دوره في هجوم الفريق الذي أثار عاصفة نقد كبيرة بعد مباراته الأولى مع أنجولا.
كثيرون تحدثوا عن محمد صلاح وأهميته. إلا أن الرأي العام تساءل: أين محمد صلاح الذي كنتم تتحدثون عنه حين يلعب ضمن صفوف المنتخب؟
الجمهور سريع التحول والاشتعال، وهناك فهم خاطئ لجماعية الأداء في كرة القدم، فلا يمكن أن يلعب محمد صلاح ويعطي أفضل ما عنده من مهارات دون مساندة جماعية من زملائه، وهو يتألق مع ليفربول، لأنه يجد هذه المساندة. ويكفي أن تراقب التحرك الجماعي للاعبي الريدز، وكيف تتقارب الخطوط؟، وماذا يفعل ساديو ماني وفيرمينيو ورنولد، وفان دايك، وماتيب، وروبرتسون هندرسون، إليوت، فابينيو. ماذا يفعل كل هؤلاء من مساندات؟ البعض يرى المساندة هي التمريرة الأخيرة، وهذا غير صائب، فالتمريرة الأخيرة هي نتاج مجموعة جمل وتمريرات وواجبات ومهام، وخطط، وتكتيك. وعندما يحدث هذا يكون صلاح قادراً على إفراغ شحنات مهارته وإبداعه، لدرجة تبهر مدربه يورجن كلوب أحياناً، كما حدث عندما سجل هدفه في مرمى تشيلسي.
حالة محمد صلاح يمكن مقارنتها مع حالة ميسي مع برشلونة ومع منتخب الأرجنتين، فهو مع زملائه القدامى مثل تشافي وإنيستا، وغيرهما كان في قمة إبداعه، وحقق مع الفريق الكتالوني أفضل العروض، واختير برشلونة فريق العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. لكن مع الأرجنتين ظل ميسي بعيداً عن الألقاب، حتى الفوز الأخير بكوبا أميركا. وحين كان يلعب النجم الأسطورة مع منتخب بلاده كان مدرباً كبيراً مثل لويس مينوتي يصف أداء التانجو بأنه فوضى ونشاز..
جزء مهم جداً من إبداع النجم السوبر يكمن في فريقه، في لاعبي الفريق الذين يقدمون له أفضل الاختيارات والحلول بمساندات جماعية تجعله قادراً على إظهار مهاراته وإبداعه..
هذا افتقده صلاح في مباراة الجابون، فكان منتخب مصر متراجعاً، لا يتقدم بقوة، ولا يهاجم بزيادة عددية، وفي البداية حين امتلك الكرة كان يمررها للخلف وليس إلى الأمام..
** النقد الذي وجهه جمهور المنتخب إلى محمد صلاح، وإلى أهميته في مباراة الجابون، أو في أي مباراة منتهى الظلم. ومن أسف أن يمضي بعض النقاد والخبراء في الطريق نفسه، وهذا منتهى سوء الظن بأن لاعباً واحداً قادر على قهر فريق منافس وحده، كأنه فارس يمتطي جواده الأبيض الجميل!