تؤمن دولة الإمارات، قيادةً وشعباً، بأن من حق الأجيال القادمة أن تنعم ببيئة نظيفة، وموارد طبيعية كافية، ومناخ صحيّ، وبأن من واجب الأجيال الحالية أن تورّث لأبنائها وأحفادها ما يعينهم في حياتهم، وأن تحفظ لهم حقّهم فيما حباً الله به الأرض من خيرات ونعم، في مقدّمتها أن تظل، كما فطرها الخالق سبحانه، عامرةً بالحياة.

ولأن المناخ وجودته والمحافظة عليه تمثل أحد العناصر الأساسية التي تجعل هذا الكوكب صالحاً للعيش، كانت دولة الإمارات من أولى دول العالم التي تنبهت إلى أهمية هذا العنصر، وعلّقت الجرس للتحذير من عواقب العبث به، والاستمرار في إهمال ما يتعرض له من تغيّرات دراماتيكية تصل إلى حدّ التدهور في كثير من الأحيان، نتيجة الأنشطة البشرية التي تتغول على مكوناته، ولا تعبأ كثيراً بما تلحقه بها من أضرار، بدأت نتائجها بالظهور للعيان في غير مكان على سطح الكرة الأرضية.

اهتمام الإمارات بالمناخ والبيئة لم يكن نظرياتٍ وخطاباً إعلاميّاً، بل تجسّد على شكل ممارسات من بين الأرقى عالميّاً في هذا المجال، ليس على المستوى الوطني فحسب، وإنما من خلال نشاطها العالمي، فقد كانت من أولى الدول التي صدّقت على بروتوكول «كيوتو» لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي عام 1992، كما لعبت دوراً محوريّاً وفاعلاً في التصديق عليه في الأمم المتحدة، وتبنّت ودعمت ونفذت مئات المشاريع في مختلف أنحاء العالم في سبيل الحدّ من الأنشطة والسلوكيات التي تضر بالبيئة، وتفاقم التغير المناخي.في أوائل شهر أغسطس الماضي، حذّر خبراء المناخ في الأمم المتحدة، في تقرير أصدروه، من أن درجة حرارة الأرض سترتفع مع الاقتراب من عام 2030 بمقدار 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، أي قبل عشر سنوات من الموعد المتوقع سابقاً لبلوغ هذا الحد، وذلك نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري التي يتسبب بها استمرار الزيادة في انبعاثات الغازات الدفيئة وعدم مبالاة الكثير من أباطرة الصناعة، وهو أمر سيؤدي، في حال لم يتمّ التصدّي له بشكل فاعل، إلى زيادة حدة الأحداث المناخية المتطرفة، وانقراض الأنواع، والتغيرات في المحاصيل الزراعية.

إحساس دولة الإمارات بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الإنسان والكوكب، وحرصها على ابتكار طرق إبداعية لتحقيق التنمية المستدامة التي تحدّ من التغيرات المناخية، مثال يحتذى به، ونهج سيمكّن البشرية، لو اقتدت به دول العالم الأخرى، من إعادة تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والنهضة والتطوّر، وضرورات حماية الأرض ومناخها، ومنع اندثار الكثير من أشكال الحياة عليها.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.