على الرغم من أن قمة بغداد الأخيرة حملت في طياتها الكثير من التحديات، فإنها تظل محطة بارزة تمت على يد قادة العراق في السعي الحثيث والبالغ الأهمية لجمع دول المنطقة في قاعة واحدة.. وهو أمر ولا شك يمكن أن يشكل نقطة انطلاق مهمة لدول المنطقة والمحيط الإقليمي.

ولعلنا هنا نذكّر بأن أقل ما يمكن قوله على صعيد نجاح قمة بغداد لدول الجوار هو أن العديد من المراقبين الدوليين لشؤون المنطقة يرون بأن القمة سوف تساعد العراق بالدرجة الأولى على استعادة مكانته في المنطقة، حيث يمكنه لعب دور بارز فيها، وذلك في ظل وجود دول فاعلة في السياسة الإقليمية. والأهم من ذلك أن قمة بغداد تشكل تأكيداً على ضرورة التضامن العربي المفتقد، خاصة أنها تعقد بشكل استثنائي بعد مرور ما يقارب العقدين من الزمان على دخول الولايات المتحدة للعراق، وما أعقب ذلك من أحداث وتطورات ابتعد خلالها العراق مرغماً عن محيطه العربي، وها هو اليوم يعود إليه مجدداً.

ونتمنى زيادة تقارب العراق مع محيطه العربي، وتأكيد علاقات الأخوة ووحدة المصير المشترك. ومن ناحية أخرى تشكل القمة انطلاقة للعراق نحو مرحلة جديدة على أكثر من صعيد سياسي واقتصادي واجتماعي.. وهو أمر يجب أن يتوق إليه العراق ويسعوا إليه بكل ما أوتوا من قوة.

وفي تقديرنا أن العراق قادر على تحقيق هذه الغاية إذا ما اجتمعت الإرادة والعزيمة الحقيقية لقادته في خضم المرحلة القادمة من عمر المنطقة. كما يمكن للقمة أن تكون بداية لتحقيق الكثير من المكتسبات والإنجازات التي تحتاجها منطقة الشرق الأوسط، وقد تم تناول بعضها في القمة، مثل الأمن ومواجهة الإرهاب والتطرف وتوابعهما. وفي مجال الاقتصاد يمكن استعادة العلاقات التجارية المتبادلة والعودة بها إلى ما كانت عليه من قبل، بل وتطويرها وتحسينها وتأكيدها لما فيه مصلحة الجميع في المنطقة.

وكما يرى بعض المراقبين السياسيين فإن العراق من خلال قمة بغداد يمكنه لعب دور محوري في إنجاح القمم الأخرى حال انعقادها مستقبلاً، وذلك نظراً لدوره الجديد في التوفيق بين دول المنطقة، وهو أمر بالغ الأهمية على الصعيد السياسي. وفي تقديرنا أن قمة بغداد الأخيرة تشكل بدايةً جيدة للتعاون الإقليمي بين دول المنطقة، وفي مقدمتها العراق، وصولا إلى التوافق والتآلف العربيين على أكثر من صعيد.

*كاتب كويتي