أكبرت صورة لوزيرة العمل السويدية «ايلفا يوهانسون»، والتي تُعد من أنجح الوزراء في الحكومة السويدية المنتخبة، كانت جالسة لوحدها على كرسي في المحطة، تنتظر قطاراً يوصلها لمنزلها بعد قضاء يوم طويل ومجهد من العمل، أثناء استراحة الانتظار تلك، كانت تستمتع بتناول شطيرة، ربما اشترتها من المحطة، هكذا بكل بساطة، وهي تمارس حريتها الشخصية التي تدخل على نفسها المتعة والسعادة، من دون تلك «القرقعة» من مبالغة في الحراسات، وممنوع اللمس أو الاقتراب أو التصوير للوزير، وفساد وصفقات على حساب المال العام، والاستعلاء على الناس، وغيرها من الأمور التي يخلقها الوزراء الرجال في معظم دولنا العربية والإسلامية التي تمجد الرجل وأفعاله الفحولية على الأنثى، وما يمكن أن تصنع من فرق بأفعالها الأنثوية الإبداعية، تردّنا تلك الاستهلالة إلى ما شاهدته في تقرير مصور للداخلين الجدد إلى «كابول»، حينما سئل بعضهم عن المرأة الأفغانية، وإمكانية المشاركة السياسية أو منحها حرية الاختيار المسلوبة منها، وهي عطاء «ربّاني» - وربّاني غيّر القائد الأفغاني- فدهشوا من السؤال، وبعضهم لم يكلف نفسه الرد على السؤال بجواب مقنع بالكلمات، إنما اكتفى بهزة رأس نافية جازمة، وبعضهم من «طالبان» نسي أمه وأخته وزوجته، وتندر على النساء وهو الذي ما برح منذ قليل وهو يحبر صوراً لهن في واجهة الصالونات النسائية، والملصقات الإعلانية، ويحطم الـ «مانيكان» التي ترتدي ملابس معروضة للبيع وتندر بسخرية على النساء، وحقوقهن في التعليم ومشاركتهن المجتمعية في مفاصل الحياة كافة التي أصبحت في عصرنا الحديث لا تستقيم بنصف واحد متصلب هو المجتمع الذكوري الوصي بضلوعه المستقيمة، قياساً بضلوع النساء «الحانية» العوجاء، وهو أمر لم يعد يحدث حتى عند الأقليات التي تسكن غابات أفريقيا المجهولة، وهو ضد سيرورة التاريخ، وضد المعادلات الإلهية في الكون، ولا أدري.. هل هؤلاء، «طلاب العلم» قرؤوا سيرة الرسول الكريم، ووصاياه الحضارية على النساء؟ ألم يتدبروا القرآن وتكريمه للمرأة؟ أين حكايات التاريخ ودور الصحابيات في الحياة والمشاركة في الغزوات؟ وهو تاريخ مثل الروض العاطر أو نفح الطيب على قلوبهم، لكنهم لا يريدون أن يفقهوا إلا أنها خلقت من ضلع أعوج، وأن الشرف هو الجنس، لكن لو قيض لأفغاني أن يتعارك مع مجندة أميركية تضع وشم أبليس على زندها، ومحتضنة «إم 16» وظلت المراهنة إذا قدر عليها، وقدر أن يقول لها: «إنها من ضلع أعوج»! إذا ما كسرت ضلوعه، وتمرغت تلك العمامة في التراب، نبوغ ودور المرأة في أفغانستان، وتأثيرها ومشاركتها في المجتمع المدني والحياة النهضوية لأفغانستان، وفي المجالات كافة سبقت ولادة هذه الحركة بعقود، ورغم ذلك، ولكي ينجحوا كحركة لم يجدوا شيئاً يتعكزوا عليه مثل ضلع المرأة الذي ما زالوا يعتقدون أنه أعوج.. ومتى كان الضلع «الحاني» مستقيماً؟