ما يشهده العمل المؤسسي الخيري في دولة الإمارات من تنامٍ دائمٍ، سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي، ليس وليد اليوم، بل هو قيمة إنسانية غرسها ورسّخها في الأنفس الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، لتتحول بذلك سمات التكافل والتعاضد إلى أسلوب حياة، ونهج مؤسسي، في المجال الإنساني والخيري الذي يأخذ أشكالاً عدة، ترجمت توجّهات القيادة الرشيدة في نشر ثقافة البذل والإحسان التي تسهم في تماسك نسيج المجتمع واستقراره.

وفي هذا السياق، جاءت توجيهات سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، بإطلاق «الهيئة» حملتها السنوية لدعم التعليم تحت شعار «لنكن سنداً لمستقبلهم»، مستهدفةً توفير الدعم اللازم لنحو 20 ألف طالب من الأسر المتعففة والمتأثرين من جائحة «كورونا»، والأيتام وأصحاب الهمم، ومساعدتهم في مواصلة تعليمهم في ظروف أكثر ملاءمة، وذلك من خلال سداد رسومهم الدراسية، وتوفير مستلزماتهم المدرسية، إلى جانب معينات أخرى، مثل الأجهزة اللوحية والذكية والتقنيات الحديثة، ليكون هذا الدعم طوقَ نجاة للكثير من الطلبة الذين حالت ظروفهم دون دفع النفقات الخاصة بالتعليم، ويُسهم في تأمين مستقبلهم التعليمي، ليكونوا مستقبلاً أعضاءَ فاعلين ومنتجين في المجتمع.

وقد جاءت حملة هذا العام في ظروف صحية استثنائية بسبب جائحة «كوفيد-19»، التي تأثر بها قطاع التعليم، كغيره من القطاعات الحيوية الأخرى، وجعلت أولياء أمور الطلاب يواجهون تحديات عديدة لضمان استمرارية أبنائهم في التعليم، خصوصاً منهم الذين فقدوا وظائفهم ومهنهم ومصادر دخلهم. لذلك، عزّزت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي حملتها السنوية هذا العام لتوسيع مظلة المستفيدين من برامج التعليم، ومساعدة الطلاب المعسرين في مواصلة مسيرتهم التعليمية، نظراً لأهمية التعليم ودوره البنّاء في إعداد الأجيال التي يقع عليها العبء في دفع مسيرة النهضة والتنمية المنشودة.

وحملة «لنكن سنداً لمستقبلهم» تجسيد واضح لهذا التوجه الإنساني الذي رسّخ لمجتمع متجانس متعاون ومتسامح، يسوده الخير، ما جعل الإمارات مقرًّا للسعادة. فضمان مواصلة فئة من الطلبة المحتاجين لرحلة التعلم من أسمى أعمال الخير التي تُفضي إلى الاستثمار في الإنسان، وتحقيق تطلّعاته، وصوْن كرامته، من خلال تأهيله وإعداده من أجل مستقبل أفضل له ولأسرته ووطنه. ذلك أن بناء أجيال معرفية سيُسهم في استدامة نهضة الوطن، إذْ بالتعليم ينحسر الجهل، وتتلاشى ظواهر العنف والكراهية الناجمة عن البطالة والإحباط، وتزدهر وتنمو أواصر المحبة والسلام، وتتعزز قيم الأخوّة الإنسانية.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.