إذا خسر جافين نيوسوم، حاكم ولاية كاليفورنيا، الانتخابات الوشيكة وحل محله «الجمهوري» لاري إيلدر، فلن تكون هذه نهاية العالم، بل سيكون ذلك جيداً تماماً. ويوصف إيلدر بأنه نجم «راديو الجناح اليميني» وآراؤه بعيدة تماماً عن معظم ناخبي كاليفورنيا، فهو يزاوج بين مشاعر ليبرالية ومحافظة متشددة. ويعارض حقوق الإجهاض والحد الأدنى للأجور ووضع الكمامات وفرض إعطاء اللقاحات، ويطمح لترحيل المهاجرين غير الشرعيين. وقد سبق أن أبدى شكوكه في تغير المناخ.

وإيلدر له سجل من التعليقات المعادية للنساء. ورغم أنه أسود البشرة، فإن مشاعره وخطابه عن الأعراق يخالفان كثيراً المقبول في الحزب الديمقراطي. ولا أحاول هنا تسويغ أفكاره السياسية المتطرفة، أو أتحدث عن جملة آرائه، لكن إذا خسر نيوسوم وحصل إيلدر على معظم الأصوات كمرشح بديل، كما هو محتمل فيما يبدو حالياً، فليس هناك ما يدعو للهلع. فالسلطات المخولة لحاكم كاليفورنيا محدودة للغاية. وإيلدر سيتمتع بدعم محدود للغاية في الهيئة التشريعية للولاية، والتي يتمتع فيها «الديمقراطيون» بأغلبية كاسحة في المجلسين. والرأي العام والقضاء سيكونان ضده في الغالب. وفي كاليفورنيا تحديداً، تتمتع المحاكم والمدعون الجزئيون والمدن بقدر كبير من السلطة، والحزب الديمقراطي يحكم الولاية منذ فترة طويلة. وإذا حاول إيلدر تنفيذ آرائه المعلنة، فلن يتقدم كثيراً. فلماذا أدعم إذن فوزه؟ الإجابة هي أن إحدى أكبر مشكلات كاليفورنيا، خاصةً وسط القطاعات الأكثر ثراءً ونفوذاً، هي درجة الارتباط برموز السياسة وبالمظهر على حساب الجوهر.

فهل تتذكرون في وقت سابق من هذا العام، حين قرر مجلس إدارة المدارس في سان فرانسيسكو تغيير أسماء مدارس معينة، ثم ألغى القرار، بدلاً من محاولة علاج مشكلات «كوفيد-19»؟ وهل تتذكرون حظر زجاجات البلاستيك في مطار سان فرانسيسكو الدولي؟ هذان ليسا إلا مثالين فقط. الكثيرون في كاليفورنيا يعلمون أن هذا جنون، لكنهم على ما يبدو لا يدركون مدى الدمار الذي قد تسببه هذه المظاهر السخيفة. فقد كان هذا يحدث بينما حرائق الغابات تدمر كاليفورنيا، وفي وقت يغادر فيه سكان الطبقة الوسطى الولاية، ومشكلات الفقر فيها ربما أصبحت الأكثر خطورةً في البلاد.

وإذا حُظي سكان كاليفورنيا بحاكم يجد فيه الناس انعكاساً لما يؤمنون به، فإنهم ربما يضطرون لإدراك أنه لم يتغير الكثير على أرض الواقع. وهذا قد يدفع بعض ناخبي الولاية إلى رؤية تهافت المسائل الخاصة بالخطاب وربما يركزون في المقابل على جوهر الحكم.

وانتصار إيلدر قد يقدم على الأقل فرصة ما لإحياء المنافسة بين الحزبين في الولاية. والديمقراطية تصبح أفضل حين تكون لكل حزب فرصة في الفوز، لأن هذا يدعم الضغوط التنافسية لجودة الأداء. ولن يحول فوز إيلدر كاليفورنيا إلى ولاية يمينية فيما يبدو، لكن وصول جمهوري أسود للسلطة قد يقلص على الأقل القبضة الخانقة للديمقراطيين على السلطة في الولاية وهذا جيد للديمقراطيين والجمهوريين على السواء. وصرح إيلدر في مقابلة، في الآونة الأخيرة، بأنه يخوض السباق، أملاً في حل مشكلات «الجريمة والمشردين وارتفاع مستوى المعيشة والقرارات التي أغلقت الولاية بسبب كوفيد-19».

وبصرف النظر عن مدى صدقه، فما المروع في فوز مرشح له مثل هذه المواقف لمرة واحدة؟ ربما إذا جاء بعده حاكم من التيار الرئيسي أو أكثر «مشروعية»، سيركز أكثر على هذه القضايا نفسها. وأؤكد أن ليس لي عداء خاص مع نيوسوم ولا أحمله مسؤولية مشكلات كاليفورنيا عميقة الجذور.

كما لا تروقني كثير من مواقف إيلدر ولا نهجه ولا خطابه السياسي، لكن الوضع الحالي عقيم حقاً، وأمام ناخبي كاليفورنيا فرصة كي يستيقظوا من سباتهم العقائدي، ولاري إيلدز هو من يمنحهم هذه الفرصة.

*أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ميسون

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»