الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

كيف تسامح نفسك ؟

كيف تسامح نفسك ؟
4 سبتمبر 2021 02:03

د. شريف عرفة

من منّا لم يرتكب خطأ في الماضي لا يزال يثير في نفسه الشعور بالندم، ولو عاد به الزمن للوراء لما اقترفه؟ ربما يكون ما حدث هو إساءة ما، أو إيذاء لشخص، أو قرار متسرع تسبب في ضرر.. وعلى الرغم من كون الشعور بالذنب - في حد ذاته - دليلاً على يقظة للضمير، وتمييزاً للصواب من الخطأ، وعلى تطورنا النفسي بدرجة تجعلنا أكثر حكمة مما كنا عليه في الماضي، إلا أن هذا لا يكفي.. لأن التمادي في الشعور بالذنب له تبعات سلبية على المدى البعيد.. لا تقتصر على تدني التقدير الذاتي واليأس والإحباط، بل تتجاوزه لمشاكل نفسية وسلوكية حقيقية كاضطرابات الشهية والتعاطي والاكتئاب.. لذلك تعددت الدراسات والتجارب النفسية المتعلقة بكيفية زيادة المغفرة الذاتية، أن يسامح الإنسان نفسه، كوسيلة لتحسين الصحة النفسية وتحسين جودة الحياة..
ومن بين هذه الأساليب، ما يلي:

التكفير عن الذنب
الذنب يعني أنك قد ارتكبت ما تراه خطأ.. إذن، الخطوة الأولى هي أن تحاول تصحيح هذا الخطأ إن كان هذا ممكناً.. اعتذر للشخص الذي أسأت إليه أو رد اعتباره أو أعد الحق لأهله.. إن لم يكن هذا ممكناً أو كان الذنب متعلقاً بشيء آخر، فالزِم لنفسك بعهد شخصي يتعلق بنفس الموضوع.. فلوكنت تشعر بالذنب لارتكاب خطأ معين، فيمكنك الانخراط في عمل خيري يساعد الناس في التعافي من جراء هذا الخطأ.. أو في زيادة التوعية بخطورة هذا الخطأ.. وما إلى ذلك.
مسامحة النفس لا تكفي وحدها.. وجلد الذات لن يفيدك في شيء.. بينما الندم مفيد كي لا تعيد الخطأ، وتحل مسؤولية أخلاقية.. تجعل الشعور بالذنب دافعاً لارتقائك بنفسك وتحسين حياة من حولك.
في دراسة شيقة نشرت في دورية فرونتيرز إن سايكولوجي، وجد الباحثون أن استرجاع ذكريات الفشل في الالتزام بنظام غذائي، أدى عند بعض الناس لزيادة سلوكيات التعاون ومساعدة الآخرين، كوسيلة للتكفير، وتعويض الإنسان شعوره بالنقص.

الحوار الذاتي
نحن قساة على أنفسنا. نقارنها بمن لم يرتكبوا أخطاءنا، ونلومها على مالا تستطيع فعله.. ونمارس جلد الذات لأخطاء ارتكبناها في الماضي، ولم يعد في الإمكان تغييرها لأن السفر للماضي مستحيل.. فما العمل؟
تقول الباحثة كريستين نيف: إن الحل هو الشفقة الذاتية.. عن طريق التدريب التالي:
- فكّر في الأوقات التي يشعر فيها صديق مقرب بالسوء تجاه نفسه، كيف ترد على صديقك في هذا الموقف «خاصة عندما تكون في أفضل حالاتك»؟ يرجى كتابة ما تفعله عادةً، وما تقوله، ولاحظ النبرة التي تتحدث بها عادةً إلى أصدقائك.
- فكّر الآن في الأوقات التي تشعر فيها أنت بالسوء تجاه نفسك. كيف تستجيب عادة لنفسك في هذه المواقف؟ يرجى كتابة ما تفعله عادة، وما تقوله، ولاحظ النبرة التي تتحدث بها مع نفسك. - هل لاحظت فرقاً؟ إذا كان الأمر كذلك، اسأل نفسك لماذا؟ ما العوامل أو المخاوف التي تلعب دوراً، والتي تقودك إلى معاملة نفسك والآخرين بشكل مختلف؟
- كيف تعتقد أن الأمور قد تتغير إذا استجبت لنفسك بنفس الطريقة التي تستجيب بها عادةً لصديق مقرب عندما تعاني؟
حين تشعر بالسوء قم بمعاملة نفسك كصديق جيد، وانظر ماذا سيحدث.

التأمل والروحانية
يستخدم بعض المعالجين النفسيين ممارسات التأمل لتحفيز الشعور بالمغفرة الذاتية.. كأن يتخيّل العميل سيناريوهات يستعيد فيها الموقف، ويبدي التعاطف لمن أساء لهم ويبث الطمأنينة والمغفرة لنفسه كي يسامحها.. أو يتخيل حواراً بين أجزاء نفسه المختلفة «الذات الحقيقية والناقد الذاتي والطفل الداخلي» محاولاً تفهم مشاعره وتخفيف تأنيب الضمير.. بينما في مجتمعات أخرى تكون الصلاة والروحانيات أكثر ملاءمة، كما في سياق ثقافات أخرى.
فمثلاً، حين يشعر العربي بالذنب، فإن أول ما قد يتبادر لذهنه هو «أستغفر الله»، أو «سامحني يا رب»، وليس الانشغال بكيفية مسامحة نفسه. هذه الفروق الفردية في المعتقدات الروحية والثقافية تساهم بشكل عظيم في تشكيل معنى الحياة الخاص بالفرد، ومن ثم صياغة وسيلته الأكثر فعالية للتعافي.
وبالطبع، إن كان الشعور بالذنب شديداً لدرجة تعيق الحياة، وتسبب اضطراباً لا يستطيع الإنسان التعامل معه بنفسه، فينبغي الاستعانة بمعالج نفسي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©