تُلقب كاليفورنيا بـ«الولاية الذهبية» لأسباب وجيهة. ذلك أنها تزخر بالموارد والجمال الطبيعي إلى حد كبير، واقتصادها يحتل المرتبة الخامسة أو السادسة في العالم، كما أنها تضم منطقة الـ«سيليكون فالي» و«هوليود»، ولديها أكبر عدد من السكان في الولايات المتحدة (39 مليون نسمة). لكن كاليفورنيا تواجه اليوم ثلاث أزمات قد تغيّر حظها الجيد لسنوات عديدة مقبلة. ذلك أنها تواجه ظروف جفاف تهدّد قطاعها الزراعي الحيوي وإمدادات مدنها من المياه العذبة. كما شهدت هذا العام حرائق غابات ضخمة لم تبدِ أي مؤشر على الانتهاء. وفضلاً عن ذلك، توجد الولاية وسط أزمة سياسية بسبب تصويت حول حجب الثقة من حاكم الولاية غافن نيوسم. وهذا يعني إجراء استفتاء على صعيد الولاية في الرابع عشر من سبتمبر الجاري للبت بشأن ما إن كان نيوسم سيُستبدل.
ثلاثة مصادر رئيسية لإمدادات المياه العذبة التي تغذّي كاليفورنيا تأتي من المياه الجوفية، وذوبان الثلوج من سلسلة جبال سيرا نيفادا، ومياه حوض نهر كولورادو الذي يوفر المياه لكاليفورنيا وست ولايات أميركية أخرى والمكسيك. غير أن ظروف الجفاف الطويل في الولايات الغربية أدت إلى استنفاد نهر كولورادو على نحو خطير. كما تسبب الاحتباس الحراري في ذوبان التساقطات الثلجية السنوية بشكل أسرع، مما تسبب في خسارة كبيرة بسبب الهدر. وعلاوة على ذلك، فإن النمو السكاني في غرب البلاد، وما يستتبع ذلك من زيادة في الطلب على المياه، أدى إلى مفاقمة النقص في زمن الجفاف. ولهذا، فإذا لم يتم تطوير تقنيات تدبير أفضل للحفاظ على المياه وإعادة تدويرها بشكل سريع جداً، فإن الآفاق على المدى الطويل ليست جيدة. 
ظروف الجفاف نفسها تجعل المناطق الغربية للولايات المتحدة أكثر عرضةً لحرائق الغابات التي كانت ضخمةً هذه السنة، ليس في كاليفورنيا فقط، ولكن أيضاً في ولايات آيداهو وأوريجون وواشنطن وكولورادو والمناطق الغربية لكندا. لكن الحرائق التي اندلعت في غرب البلاد لم تتسبب في تدمير ملايين الفدانات من الغابات فحسب، وإنما في تدمير آلاف المنازل، إضافة إلى تحول أدخنة الحرائق نحو الساحل الشرقي للولايات المتحدة، مما تسبب في مشاكل في جودة الهواء وبالتالي مشاكل صحية. وإضافة إلى هذه الكوارث، فإن تفشي متحور دلتا من فيروس «كوفيد-19» أضر بكاليفورنيا بشكل خاص. 
والواقع أن الولاية تحتاج في الوقت الحالي إلى حكامة جيدة، لكنها بدلاً من ذلك تواجه شبح فوضى سياسية في حال خسر نيوسم التصويت في الرابع عشر من سبتمبر الجاري. وكان نيوسم قد فاز في انتخابات حاكمية الولاية في 2018 بأكبر هامش يحصل عليه أي «ديمقراطي» في تاريخ كاليفورنيا. وكان يحظى بشعبية واسعة خلال الأيام الأولى من فترة حكمه، لكن أقلية من «الجمهوريين» كانوا مستائين من سياستيه المتعلقتين بالضرائب والهجرة إضافة إلى سياسته تجاه المشردين. وعندما وصلت أزمة «كوفيد-19» في أوائل 2020، أدخل نيوسم تدابير صارمة لوقف تفشي الوباء، شملت فرض ارتداء الكمامات وممارسة التباعد الاجتماعي في التجمعات الداخلية.. فبدأ خصومه الإجراءات القانونية لسحب الثقة منه، لكنهم كانوا في حاجة إلى مليون و500 ألف توقيع لجعل العملية رسمية. وكان العدد الأولي من التوقيعات التي نجحوا في جمعها متدنياً. لكن بعد ذلك، ارتكب نيوسم خطأ سياسياً فادحاً. إذ التُقطت له صورة مع أصدقاء يتناولون العشاء في واحد من أغلى المطاعم في العالم، مطعم «فرانش لوندري» الفرنسي في يونتفيل بالقرب من سان فرانسيسكو، وبدون كمامة، الأمر الذي أثار غضباً عارماً لدى كل الأطراف. وكان من تداعيات ذلك أن تجاوزت التوقيعات بسرعة عتبةَ المليون و500 ألف.
وتتضمن ورقة التصويت حول سحب الثقة سؤالين ينبغي الإجابة عنهما: هل ينبغي سحب الثقة من حاكم الولاية؟ ومن ينبغي أن يحل محله من بين قائمة طويلة من الأسماء؟ وفي حال صوّت أكثر من 50 في المئة بـ«لا» على تصويت سحب الثقة، فإن نيوسم سيبقى في السلطة. أما إذا حصل على أقل من 50 في المئة، فإنه سيتم اختيار مرشح آخر لشغل منصب الحاكم. وإذا كان هذا الشخص جمهورياً فسيبقى في السلطة حتى نوفمبر 2022 وستكون لديه الصلاحية لاختيار سيناتور جديد في حال وفاة أحد السيناتورَيْن الديمقراطيين الحاليين. ويُعتقد أن السيناتورة دايان فينشتاين، التي تبلغ من العمر 88 عاماً، تعاني من الخرف. وفي حال استُبدلت، فإن من شأن ذلك أن يغيّر توازن القوة في مجلس الشيوخ الأميركي ويعيق أجندة إدارة بايدن الداخلية. ولهذا، فلا غرو أن الديمقراطيين قلقون ويسارعون إلى ضخ المال في حملة نيوسم قبل أسبوعين من تاريخ الحسم. 

مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونل إنترست»