برغم الجهود الكبيرة والنتائج المتميزة التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة في مؤشرات المساءلة والنزاهة العالمية، فإنها لا تكفّ عن اعتماد وتطوير منظومتها التشريعية والمؤسسية التي تعزز من هذه المؤشرات، وتصل بها إلى مكانة مرموقة ومتقدمة على هذا الصعيد.
ويأتي إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، مرسوماً اتحاديّاً بشأن مساءلة الوزراء وكبار موظفي الاتحاد عمّا يقع منهم من أفعال في أداء وظائفهم الرسمية، تأكيداً على الاهتمام البالغ لقيادتنا الرشيدة بتأصيل قيم النزاهة والمساءلة، وتعزيز ممارساتها، التي تنسجم مع ما بُذِل من جهود سعت إلى تطوير القوانين واللوائح والنظم، وما اعتُمد من سياسات، من شأنها تعزيز الشفافية، وسيادة القانون في الحكومة الاتحادية.
وبهذه المناسبة، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، عبر حساب سموه في «تويتر»: «دولتنا دولة قانون.. والحفاظ على شفافية ونزاهة حكومة الاتحاد أولوية قصوى»، وهو ما تفسره البنود التي حددها المرسوم، والخاصة بآليات تلقي البلاغات ضد أيٍّ من كبار المسؤولين، من خلال النيابة العامة للنظر فيها، واتخاذ اللازم من إجراءات، ثم إحالتها للتحقيق في حال ثبوت صحة الوقائع، وإخضاع المبلّغ ضده، في حال ثبوت التّهم عليه، لمجموعة من الجزاءات.
إن التطوير الحاصل في منظومة الدولة التشريعية، وخصوصاً ما يتعلق بتطبيق قيم المساءلة والنزاهة ومكافحة الفساد، لا شك في أنه كان السبب وراء تبوؤ دولة الإمارات مراتب متقدمة عالميّاً في هذا الجانب، إذ احتلت المركز الأول إقليميّاً والـ21 عالميّاً في «مؤشر مدركات الفساد 2020»، الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، وحافظت في المؤشر نفسه على صدارتها بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، للعام الخامس على التوالي، من خلال المستويات المدركة لفساد القطاع العام.
لقد طوّرت دولة الإمارات منظومة النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد فيها، انطلاقاً من مجموعة اعتبارات، أهمها أن الفساد هو المعيق الأول والتحدي الأكبر أمام مسيرة التنمية والتطوير، وهو مقوّض كبير للدول والمؤسسات، ومبدد للثروات، ومعطّل لاستقطاب الاستثمارات، ومستنزف للطاقات والموارد، ومعوِّق رئيسي لكل محاولات التقدم والرقي التي تواصل الدولة الحفاظ عليها، وتحقيق التقدم فيها أكثر فأكثر، لأثر ذلك في مسيرتها التنموية وخططها النهضوية، التي تطمح فيها إلى أن تصبح الرقم «واحد» عالميّاً في كل المجالات بحلول ذكرى مئويتها عام 2071.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية