خلف الديكورات الفخمة والمساحات الواسعة لمكاتب«تسهيل» المنتشرة في مختلف مدن الدولة، هناك ظلال قاتمة عن معاناة فئات من العاملين، وبالأخص المواطنين والمواطنات الذين اتجهوا للعمل في هذه المكاتب بعد الأنباء السارة للبدايات عن الراتب والعمولات، والتي قد يصل للفرد منهم نحو خمسين ألف درهم شهرياً وبعضهم أكثر.
 المكاتب التي شجعت وزارة الموارد البشرية والتوطين على العمل فيها، كبديل عن انتظار الوظيفة الحكومية، تبددت عنها تلك الصورة الزاهية مع احتدام المنافسة بينها بسبب كثرة انتشارها واضطرار الوزارة لوقف إصدار تراخيص جديدة لها بعد أن بلغت السوق مرحلة«التشبع».
كنت أتمنى من الوزارة الرد على ما جاء في اتصال إحدى الأخوات المواطنات، وهي تعمل في واحد من مكاتب«تسهيل»، مع برنامج للبث المباشر، وهي تروي بحرقة في ذلك المقطع الصوتي الذي تم تداوله على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي ما آلت إليه الأمور في طريقة تعامل بعض أصحاب تلك المكاتب مع موظفيهم، من حيث خفض راتب الموظف وعمولته واقتسامها مع «مندوبي التخليص» الآسيويين بزعم أنهم مصدر العمل وجلب المعاملات المطلوب إنجازها!
هذه الممارسة الأخيرة بحد ذاتها بحاجة لوقفة من الوزارة لتنقية بيئة الأعمال منها، إذ كيف يمكن أن يتحول مندوب لدى شركة أو مؤسسة خاصة، مهما كانت صغيرة أو متوسطة أو كبيرة، إلى وسيط أو سمسار، وهو مكلف رسمياً بحكم عمله بإنجاز معاملات موظفي تلك الجهة، ويساوم أصحاب المكاتب إما على احتساب عمولة له أو الاتجاه لمكتب آخر؟! ظهور هذه الممارسة والبحث عما يعتبرونها «تساهيل»أفسدت أشياء كثيرة في بيئات العمل، خاصة أن تلك الفئات المستمرئة هذه الممارسة تنحدر من مجتمعات تعتبر«العمولات» من قواعد العمل و«الشطارة»! وهي الممارسة التي تتطلب تدخلاً، لجهة تنظيم وتوزيع المعاملات على مكاتب «تسهيل» بالصورة المنظمة التي تجري حالياً بين عدد من هذه المكاتب والهيئة الاتحادية للهوية والجنسية ودائرة التنمية الاقتصادية.
ما زاد من مرارة حديث المتصلة أن الوزارة لا تملك أو تقدم حلولاً، وإنما تحيل الموظف أو الموظفة الذي يتقدم بشكوى أو تظلم، وصاحب المكتب، للمحكمة لفض النزاع إذا ما فشلت محاولات الصلح. وفي الوقت الذي ندعو فيه لحلول مرضية لكل الأطراف نتمنى من الوزارة مساعدة العاملين على تحقيق أحلامهم في الاستقرار الوظيفي، خاصة أن الكثير منهم وتحت تأثير الضغوط يجبرون على ترك المكان رغم حاجتهم إليه.