قال حكيم «جيش من الحملان بقيادة أسد، سيهزم أي جيش من الأُسد يقوده حَمل» An Army Of Sheep led By Lion Can Defeat An Army Of Lions Led By A Sheep تفجيرات مطار كابل مثّلت حالة من الصدمة المعنوية لإدارة الرئيس بادين، وذلك لاتصال الحدث بجملة من الإخفاقات السياسية منذ الإعلان عن الانسحاب الكلي من أفغانستان قُبيل حلول سبتمبر 2021.

إلا أن أحد أسوء المشاهد المصاحبة للحدث تمثل في محاولة الاحتواء الركيك الذي اعتمدته الإدارة، وكذلك محور الإعلام الأميركي الداعم لها، انطلاقاً من فرضية مسؤولية أطراف راديكالية داخل «طالبان» عن الاعتداء، إلى حين إعلان تنظيم «داعش ولاية خُرسان» مسؤوليته عن الهجوم. إلا أن المعضلة الأكبر تمثلت في توقيت الإفصاح عن عدد القتلى من قوات المارينز المسؤولة عن تأمين محيط مطار كابل وبواباته. لذلك قررت الإدارة أن تحمل مسؤولية ذلك لقائد القيادة الوسطى الجنرال كينث ماكنزي ليجيب عن أسئلة الإعلام إلى حين الإعلان عن العدد النهائي، والذي بلغ 13 جندياً.

الأولوية الأولى لفريق إدارة الأزمات في إدارة الرئيس بايدن هي: إدارة الأضرار وتحجميها Containment & Damage Control. ويبدو أن الفريق قد قرر التعامل مع هذا التطور على أساس كونه «عسكرياً» غير متصل بقرار سياسي، ثانياً إعادة توجيه الرأي العالمي باتجاه الصين تحديداً عبر نشر وكالة الاستخبارات المركزية CIA لتقرير جديد حول فيروس «كوفيد-19» والذي تحدد فيه المصدر (الصين)، وأن الفيروس مُصنع مخبرياً وقد تسرب «ربما» دون علم من السلطات الصينية. إلا أن اللافت في الأمر هو قرار توافق الإدارة على إبقاء نائبة الرئيس كمالا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن بعيدين قدر الإمكان عن مواجهة الإعلام في هذه الازمة، والاكتفاء بتصدر الرئيس بايدن والمؤسسة العسكرية للمشهد.

ويأتي تصريح وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية على خلفية تصريحات سابقة لنائبة الرئيس هاريس قبل وصولها فيتنام في جولتها الجنوب آسيوية، في محاولة لإعادة توجيه الرأي العام الدولي (امتصاص جزء من ردة الفعل) من تطورات الانهيار التام في أفغانستان سياسياً / أمنياً / عسكرياً.

إلا أننا نجد الصين غير منخرطة في الرد او التعليق على كافة التصريحات الأميركية، وإبقاء الإعلام الدولي مُركزاً على واشنطن، خصوصاً بعد اعلان الرئيس بايدن بأقل من 48 ساعة من تفجيري مطار كابل قائلاً: «لا يمكن تغير وضع المرأة اجتماعياً أو الدفاع عن حقوقها المدنية بالقوة المسلحة». إدارة الرئيس بايدن تدرك حجم عزلتها نتيجة الحالة الأفغانية، وحتى من راهنت عليه في الدوحة «طالبان» لم يملك أدوات فرض السيطرة على الأرض بما يتناسب وما قدم من تعهدات قبل استحواذها القسري على العاصمة كابول.

ويبدو أن وصول مدير وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز للعاصمة كابول كان بهدف تحقيق مكسب سياسي سريع عبر إنفاذ تعهد الرئيس بمعاقبة المسؤولين عن تفجيري المطار. ويبدو أن «طالبان» قد قبلت تقديم المعلومات الخاصة بقائد «داعش» ولاية خرسان على أراضيها، مما مكن «سي. آي. ايه» من تنفيذ غارة بطائرة من دون طيار، استهدفت بنجاح أحد القادة المسؤولين في «داعش ولاية خرسان» في ولاية نانغارهار الأفغانية. عملية النزوح الأفغانية هي أكبر استفتاء سياسي على فشل الولايات المتحدة سياسياً في كل ملفاتها من الإعلان عن حربها على الإرهاب، وإنْ كان هناك عنصر ثابت في التاريخ الحديث للولايات المتحدة منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، فهو قيادة الحملان لأقوى دولة عرفها التاريخ البشري.

* كاتب بحريني