كان عدد من النشطاء بصدد إرسال رسالة للاجتماع السنوي لمحافظي البنوك المركزية والمنعقد هذا الأسبوع (افتراضياً) في جاكسون هول، بولاية «وايومنج»، ورد فيها: إن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جاي باول، الذي يمكن القول إنه أقوى مسؤول مالي في العالم، لا يفعل ما يكفي لمواجهة التهديد الذي يشكله تغير المناخ –ولهذا السبب، لا ينبغي إعادة تعيينه لولاية ثانية. أنا لا أوافق. تظهر تصرفات «باول» أنه يأخذ هذه الظاهرة على محمل الجد. إنه يبذل قصارى جهده، بالنظر إلى القيود التي يواجهها. هناك مجالان رئيسيان يتعين على «الاحتياطي الفيدرالي» أن يتعامل فيهما مع ظاهرة الاحتباس الحراري: الرقابة المالية والسياسة النقدية. بالنسبة للأمر الأول، فإن المسؤولين منخرطون فيه بشكل كامل. فهم يدركون المخاطر جيداً. وقد يؤدي الطقس الأكثر تقلباً –بما في ذلك الأعاصير وحرائق الغابات والجفاف الشديد –إلى اتلاف المنازل والشركات، وإضعاف الجدارة الائتمانية لأصحابها وتعجيل الخسائر للبنوك.

ويمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات سطح البحر إلى تقليل تنوع المقرضين، من خلال تهديد العقارات الواقعة على الواجهة البحرية في كل مكان. إن احتمالية حدوث كوارث طبيعية أكثر تواتراً وإجراءات تنظيمية يمكن أن تقلل من قيمة قروض الدعم الإضافي، سواء كانت محطة طاقة تعمل بالفحم أو مجمع سكني على شاطئ البحر. لقد أنشأ باول ومجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي كيانين جديدين –لجنة الاستقرار المتعلق بالمناخ، للتركيز على النظام المالي الأوسع، ولجنة الإشراف على المناخ، للتركيز على المؤسسات الفردية. هذا مهم، لأنه يعني أن كبار المسؤولين ملتزمون بتقييم التهديد والاستجابة له بشكل منتظم. وهم يعملون بالفعل على ضمان قيام البنوك بتضمين تغير المناخ في قراراتهم الخاصة بالأعمال –تحليل التعرض للمخاطر وتحديد تركيزات المخاطر والنظر في كيفية إدارتها بمرور الوقت. ولتحقيق هذه الغاية، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي وغيره من الجهات التنظيمية للبنوك سيجعلون البنوك تجمع المعلومات بطريقة متسقة.

هناك حاجة إلى مثل هذه المعلومات حتى يتمكن المنظمون من فرض مجموعة متسقة من المعايير وتقييم وإدارة المخاطر عبر النظام بأكمله. وفيما يتعلق بالسياسة النقدية، كان باول أقل اندفاعاً، حيث أشار مؤخراً إلى أن تغير المناخ «ليس أمراً نفكر فيه بشكل مباشر» عندما نقرر، على سبيل المثال، أين نحدد أسعار الفائدة قصيرة الأجل. وهذا يتناقض مع المؤسسات الأخرى مثل البنك المركزي الأوروبي، حيث يشكل تغير المناخ جزءاً من مداولات السياسة النقدية. فلماذا الاختلاف؟ أرى بعض التفسيرات.

على سبيل المثال، يُعتبر تغير المناخ اتجاهاً بطيء الحركة، على عكس الاتجاهات الدورية في العرض والطلب التي تهيمن على التوقعات الاقتصادية على المدى القريب، وبالتالي فهي الأكثر صلة بالسياسة النقدية، والتي تميل إلى أن يكون لها أفق لبضع سنوات أو أقل. لذا، حتى لو أخذنا الأمر على محمل الجد، كما يفعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فليس من الواضح كيف يمكن ترجمة ذلك، مثلا، إلى تعديلات على برنامج شراء الأصول الخاص بالاحتياطي الفيدرالي أو مسار أسعار الفائدة قصيرة الأجل.

وعلاوة على ذلك، يواجه باول قيداً سياسياً فريداً. في الولايات المتحدة، يختلف اليسار واليمين بشدة حول أهمية تغير المناخ مقارنة بما هم عليه في أوروبا. والمناخ هو من الأمور التي يجب على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يأخذها بعين الاعتبار عند الإشراف على النظام المالي –فلا أحد يريد أزمة أخرى. ولكن إذا أدرج البنك المركزي المناخ صراحة باعتباره أحد اعتبارات السياسة النقدية، فقد يتهمه بعض المشرعين بتجاوز سلطته المزدوجة المتمثلة في ضمان أقصى قدر من العمالة المستدامة واستقرار الأسعار.

وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى قيود على الاستقلالية التي يحتاج إليها الاحتياطي الفيدرالي لإدارة سياسته بمسؤولية.

*باحث بمركز دراسات السياسة الاقتصادية بجامعة برينستون وسبق أن شغل منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي من 2009-2018

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»