تواجه شركات الطيران انتقادات من هؤلاء الذين يركزون على مساهماتها في غازات الاحتباس الحراري وتغير المناخ. لكن في الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً خلال الأشهر الأخيرة، أعلنت شركات الطيران المحلية –سواء الخاصة بنقل الركاب أو البضائع –عن تدابير يمكن أن تخمد بعض التذمر: ووضعت هدفاً للحد من انبعاثات الكربون الخاصة بشركاتها إلى «الصفر» في غضون 30 عاماً.

إنه هدف طموح، على الرغم من أن العديد من شركات الطيران كان لها أهداف مناخية لسنوات. ومع ذلك، فإن فترة جائحة كورونا كانت بمثابة حافز للعديد من شركات الطيران لبذل المزيد للتخفيف من تغير المناخ.

وقال نيكولاس إي كاليو، الرئيس والمدير التنفيذي للخطوط الجوية الأميركية –وهي مجموعة مناصرة لصناعة الطيران في الولايات المتحدة: «نحن نعلم أن تحدي تغير المناخ الذي يواجهه بلدنا والعالم مستمر في التصاعد. واليوم، نحن بحاجة إلى اتخاذ خطوات أكثر جرأة وأكثر أهمية لمواجهة هذا التحدي».

تعد شركات الطيران مسؤولة عن 3.5% من جميع الانبعاثات المسببة لتغير المناخ، وفقا لدراسة نُشرت في مجلة «اتموسفيريك انفيرونمينت»، في حين أن قطاع النقل هو أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وبينما أعربت بعض شركات الطيران عن أهدافها المتمثلة في جعل هذا الرقم يصل إلى الصفر، فإن الوصول إلى الهدف سيكون أكثر صعوبة.

وضمن هذا الإطار، قالت «لورين رايلي»، المديرة الإدارية للشؤون البيئية والاستدامة لشركة «يونايتيد إيرلاينز»، إن الصعوبة تكمن في أن شركات الطيران ليس لديها حل متاح بسهولة. يمكن تحويل المركبات بسهولة إلى مركبات كهربائية، لكن الطريق إلى «الصفر» هو أكثر من مجرد اتخاذ قرار من قبل شركات الطيران.

وأضافت رايلي: «إنها منطقة جديدة بعض الشيء عندما تنظر إلى التقنيات التي سنحتاجها لدعم طيران لا يسبب انبعاثات كربونية بالفعل». ونظراً لأن القطاعات الأخرى قادرة على خفض انبعاثاتها بسرعة أكبر، فإن نصيب قطاع الطيران من حصة ثاني أكسيد الكربون في العالم ستزداد.

لسنوات، كانت شركات الطيران تركز على برامج تعويض الكربون، مثل المساهمة في المشاريع التي تزرع الأشجار الممتصة لثاني أكسيد الكربون أو الحفاظ عليها. لا تزال بعض شركات الطيران، مثل «دلتا» و«جيت بلو»، تعتمد، جزئياً على الأقل، على الاستخدام الطوعي لتعويضات الكربون على المدى القريب. في حين أن بعض هذه التحركات تجلب فوائد بيئية، إلا أنها لا تكفي للوصول بانبعاثات الكربون إلى «الصفر».

وهي أيضاً لا تغير السلوكيات أو القرارات داخل شركة الطيران، حيث إنها تعد معاملة مالية تتم خارج سلسلة التوريد أو العمليات الخاصة بشركة الطيران. وقالت رايلي إن الوصول إلى «الصفر» سيتطلب الاستثمار في الحلول الممكنة. وأضافت: «يجب أن يدور النقاش حول كيف يمكننا التحليق في السماء بشكل مستدام. يجب أن نكون مسؤولين عن توفير لعملائنا الوصول إلى الوجهات التي يقصدونها بطريقة لا تسبب بالضرورة تغير المناخ». وأوضحت «رايلي» أن هؤلاء العملاء كانوا يمارسون ضغوطاً متزايدة على شركات الطيران لبذل المزيد من الجهود لتقليل آثار شركات الطيران على كوكب يزداد احتراراً.

ورددت أميليا ديلوكا، المديرة الإدارية للاستدامة في شركة «دلتا»، هذا الشعور قائلة، إن المساهمين يتنوعون من مستثمرين إلى شركات تتطلع إلى تقليل بصمتهم. ويشملون أيضاً العملاء، وكثير منهم يتحدثون بصوت عالٍ حول ما يرون أنه واجب شركة الطيران للحد من الانبعاثات. وأوضحت ديلوكا: «يقول هذا الجيل القادم من العملاء إنهم يريدون السفر على متن شركة طيران تستخدم وقوداً مستداماً (لا يسبب انبعاثات)».

وتشمل الخيارات المتاحة لشركات الطيران خفض انبعاثاتها –وبعضها متاح أكثر من غيرها –إيقاف تشغيل الطائرات القديمة التي تستهلك الكثير من الغازات، وتحديث طرق الحركة الجوية لتكون أكثر كفاءة في استهلاك الوقود، والاستثمار في تقنيات أحدث مثل الكهرباء والهيدروجين. وتتمثل إحدى الطرق الواعدة في تعزيز الوصول إلى أنواع وقود أكثر استدامة واستخدامها.

يمكن أن يساعد الوقود الذي يتم تشغيله بوساطة النفايات النباتية والمنزلية في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 80% مقارنة بوقود الطائرات التقليدي الذي يعتمد على الوقود الأحفوري، وفقاً لموقع الطيران «مزايا ما وراء الحدود»، ولكن تكثيف الاستخدام على نطاق واسع سيستغرق سنوات من أجل بطء وتكلفة العملية التي يقوم عليها عدد قليل من المنتجين. في 2019، استخدمت شركات الطيران 13 مليون جالون من وقود الطيران المستدام –حوالي 0.01% من 18 مليار جالون من وقود الطائرات التي تم استهلاكها خلال تلك الفترة. ويرى آلان ستولستر، عميد كلية الطيران بجامعة «إمبري ريدل» للطيران في دايتونا بيتش بولاية فلوريدا: «أن شركات الطيران لديها خطط قوية لتحقيق هذه الأهداف. لقد سمعت أن بعض الشركات تقول، إن 2030 قد يكون طموحاً، لكنني أقول إن 2050 سيكون كذلك بالتأكيد».

وفي حين أن الهدف الموحد بين شركات الطيران هو الوصول بصافي انبعاثات الكربون إلى الصفر، فقد سعت العديد من شركات الطيران أيضاً نحو أهداف الاستدامة الأخرى. وأعلنت شركة «يونايتد» في ديسمبر الماضي عن استثمار بملايين الدولارات في مشروع لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء. وأعلنت شركة «دلتا»أنها ستستثمر في التقاط ثاني أكسيد الكربون والتقنيات الخضراء الأخرى مثل الكهرباء. وأعلنت شركة ألاسكا عن هدف للحد من النفايات على مدى خمس سنوات. قد تكون هذه التغييرات ملحوظة على المدى القصير، إلا أنها خطوات نحو تحقيق هدف أكبر وهو «الطيران من دون تأثير».

*صحفية مستقلة

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»