تعميم المصرف المركزي مؤخراً لكافة البنوك وشركات التمويل العاملة في الدولة، والمتعلق بالقروض المصرفية للأفراد والدعاوى والمنازعات الناشئة عنها، جاء في وقته لتذكير هذه الجهات بضرورة الالتزام التام بمتطلبات نظام القروض المصرفية والخدمات المقدمة للأفراد والمتعارف عليها بالقروض الشخصية، والتي تشدد على «ضرورة تأكد الجهات المقرضة أو الممولة من وجود الضمانات الكافية والأكيدة على مقدرة الفرد المقترض أو الضامن له على السداد باستخدام الوسائل والسبل المتاحة كافة، ومنها تقارير شركة الاتحاد للمعلومات الائتمانية».
توعد المصرف في تعميمه المخالفين بفرض جزاءات إدارية ومالية وتدابير صارمة بحقهم، مذكراً إياهم بتوجهات دائرة القضاء في أبوظبي بعدم قبول أي دعوى أمام محاكمها من جانب البنوك وشركات التمويل، ولن تنفذ الأحكام التي تصدر على المدينين الأفراد إذا ثبت أنهم حصلوا على القروض من دون تقديم ضمانات أكيدة بأنهم يملكون القدرة المالية على تسديدها.
 قبل سنوات بعيدة عندما تمادت بعض المصارف في غيها وأغرقت الشباب بالقروض الاستهلاكية وجعلتهم «رهائن» لديها بعد أن كبلتهم بديون لا قبل لهم بها وبالقروض الممتدة وتجديداتها، تدخل حينها المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأصدر توجيهاته لحماية المقترضين المتعثرين وعدم ملاحقتهم قانونياً إذا ما ثبت عدم قدرتهم على السداد. وعندما لمست البنوك جدية الأمر توقفت عن أساليبها الإغراقية لبعض الوقت، وبعدها «عادت لعادتها القديمة».
الأساليب الإغراقية للبنوك بلغت حدوداً لا يمكن تصورها، وهي تركز على الشباب الذين سلطت عليهم مندوبين ومندوبات لا همّ لهم سوى تحقيق الرقم المحدد والمستهدف لهم لضمان الحصول على عمولتهم. بلغت بهم سبل الإغراق التفنن في تزيين تحويل القرض الشخصي للأفراد إلى قروض تجارية وغيرها من الأساليب التي تورط فيها كثيرون وعانوا منها لسنوات طويلة، لمحدودية قدرتهم على السداد، ولم تكتفِ البنوك بذلك بل فتحت عليهم طوفاناً آخر للمزيد من التكبيل يتمثل بالتسهيلات الائتمانية، وفي مقدمتها بطاقات «الكريدت كارد» والسحب على المكشوف، والكثير من ضحايا «الديون» وجدوا أنفسهم خلف القضبان.
أتذكر حادثاً مأساوياً منذ بضع سنوات لسائق أجرة آسيوي اختار الانتحار لتراكم ديونه، وكشف التحقيق عن أنه كان محاصراً بتسهيلات تسع بطاقات ائتمانية، رجل محدود ومتدني الدخل يتم إغراقه بهذا الكم من البطاقات!!
نتمنى أن يسهم التحذير الجديد الذي حمله تعميم المصرف المركزي في ردع تلك النوعية من البنوك وإعادتها إلى جادة العمل المصرفي السليم.