القضية التي كُشف النقاب عنها مؤخراً وأصدرت محكمة جنايات أبوظبي، المختصة بنظر جرائم غسل الأموال والتهرب الضريبي أمس الأول، أحكامها بحق المدانين فيها، تُعد واحدة من أكبر قضايا الاحتيال وغسل الأموال التي تشهدها البلاد سواء كان لجهة عدد المدانين وشركات الواجهة المستخدمة في القضية، وعددهم 40 متهماً و8 شركات، أو لناحية عقوبة السجن التي تراوحت بين 5 و10 سنوات والإبعاد عن البلاد للوافدين، وحجم الغرامات الذي بلغ 860 مليون درهم.
 كشفت تفاصيل القضية التي نشرت في وسائل الإعلام المحلية الأساليب الملتوية التي استخدمها المدانون لاستقطاب أموال الضحايا من خلال «اصطناع مشروع للتداول الآلي في سوق الأسهم بأموال المشتركين والمساهمين، وإيهام الضحايا بالحصول على أرباح تتراوح بين 16% و18% شهرياً من رأس المال المُستثمَر، إضافة إلى إتاحة إمكانية التداول اليدوي للأسهم في حال رغبة المساهمين، وذلك من خلال شركات وأشخاص طبيعيين في الدولة، ثم قام التشكيل العصابي بالإعلان عن تحويل رؤوس الأموال الخاصة بالمجني عليهم وأموالهم إلى عملات رقمية وهمية أطلقوا عليها مسمى (فوين)، وبالتالي عدم تمكين المستثمرين من استعادة رؤوس أموالهم»، كما أظهرت القضية أن التنظيم الخاص بالمتهمين «يعتمد على أساليب معقدة في الجريمة، حيث يرتبط أفراده على شكل هرمي، بحيث لا يعرف المتهمون الآخرون إلا الشخص الذي يعلوهم في الهرم التنظيمي فقط». و«أنهم لا يتسلمون شيكات أو حوالات مالية من الضحايا إبعاداً للشبهات عنهم، حيث تمت جميع عملياتهم بتسلم الأموال نقداً، إضافة إلى قيامهم بإنشاء مجموعات وفرق للتنظيم، وقيامهم بدورات تدريبية وإقامة حفلات ضخمة يحضرها فنانون عالميون».
رغم التعقيدات والدهاء الذي كان يعتقد أعضاء التشكيل العصابي أنه سيجعلهم في مأمن من قبضة القانون، إلا أن يقظة رجال العيون الساهرة في أجهزتنا الأمنية استطاعت الإيقاع بهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاء ما اقترفوا، وليقول قضاؤنا الحازم كلمته فيهم.
لقد كانت الأحكام الصادرة والإعلان عن القضية وتفاصيلها رسالة للجميع عن الإصرار والحزم الإماراتي في التعامل الصارم مع هذه النوعية من القضايا والتصدي لها، كونها على تماس بأمن الوطن واقتصاد الوطن والالتزامات الدولية للإمارات في مواجهة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
كما أنها سانحة لتوعية أفراد الجمهور عامة وخاصة الباحثين عن الثراء السريع، ومن ينساقون لإعلانات الفرص الوهمية والأرباح الخيالية وحثهم على المزيد من اليقظة والحذر من أحابيل النصابين ومستثمري «الغفلة».