كما يحدث في أي بؤرة استمر التوتر فيها لعقدين من الزمان، تأتي اليوم أحداث انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وسيطرة حركة «طالبان» فيها بطريقة دراماتيكية، على الرغم من الاتفاق الموقع إبان عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لتثير أكثر من علامة استفهام حول مستقبل هذا البلد وما ينتظره في ظل التطورات الأخيرة. وبعيداً عن تفاصيل ذلك الاتفاق، وماهيته أو طبيعته، فسيظل التساؤل مطروحاً: هل كان اتفاقاً واقعياً يسوده المنطق في الطرح والتطبيق؟ وهل أرادت منه واشنطن تجنب ما حدث، أي سيطرة «طالبان» على البلاد فيما يشبه الانقلاب الأبيض بدون أدنى مقاومة من الجيش الأفغاني؟

إن استقرار أفغانستان ضرورة ملحّة بالنسبة للجميع، لأسباب عديدة على رأسها الموقع الجيواستراتيجي لأفغانستان نفسها، فهي تقع بين مجموعة دول لها أهمية استراتيجية على أكثر من صعيد، لا سيما بالنسبة للولايات المتحدة. كما تمثل أفغانستان حلقة وصل مهمة بين آسيا وبحر العرب.

وفي النهاية فإن استقرارها في المرحلة القادمة سيكون أمراً مهماً للجميع، بينما استمرار الاضطرابات فيها أمر غير مرغوب به إقليمياً ودولياً، وخاصة بالنسبة لدول كبرى مثل الصين وروسيا. واستناداً إلى أحداث أفغانستان طوال أربعين سنة الماضية، يسعى المجتمع الدولي في وقتنا الحالي، وخاصة دول الجوار، إلى تحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان التي عانت كثيراً طوال العقود الماضية. كما سيكون لدول الاتحاد الأوروبي، والتي كانت لها هي كذلك حضورها الاقتصادي والسياسي والأمني في أفغانستان طوال السنوات الماضية، إسهام في تحقيق الاستقرار الذي تحتاجه أفغانستان ويتطلع المجتمع الدولي إلى إرسائه فيها. وفي الختام، وفي مقابل جميع الظروف الحالية والمستقبلية، نقول بأن أحوال دولة متوترة الأوضاع تقع داخل محيط أكثر دوله مستقرة وذات أوضاع صلبة، هو أمر يؤثر سلباً -وبلا شك- على هذه الدول وأوضاعها. لذلك فإن الدور الإيجابي الذي ستلعبه هذه الدول سيسهم في تحقيق المصالح العليا للمنطقة ككل، وضمنها أفغانستان، والتي نأمل أن يعمها الاستقرار والسلام بشكل دائم.

* كاتب كويتي