الكتابة هل هي ترف فكري وفيض خاطر، أم هي حلم محلق في الفضاء، أم رؤية وفلسفة خاصة في التعبير عن النفس وما يجول فيها من أحلام وأمال، أو هي مسؤولية اجتماعية وثقافية وأدبية؟ هل هي البحث عن الذات عبر ما يسطره القلم أو أجراس تقرع في داخل الفكر والعقل والجوف، أم هي موجة عالية أو موجات تعصف بك وتخرجك من القمقم والصمت لتقول شيئاً، لتعبر عن وجدان يغلي في الداخل؟ لماذا البعض فقط يهتم بموضوع الكتابة والتعبير عن فكره ومعتقده وذاته؟ لماذا يعتقد البعض أنه قادر أن يقول شيئاً في ظل هذه الأصوات والضجيج والأبواق الناعقة ليل نهار؟ لماذا يتبع البعض أصوات البلابل والعصافير ونشيد الحريات الذي يأتي من بعيد كالشهب ويبرق ضوءاً في السماوات المظلمة، ثم إن كل الكتابات والتعابير تختلف من شخص إلى آخر، ومن كاتب إلى آخر؟ لماذا البعض يحلق بحلمه إلى الفضاء البعيد ويحلق مثل نسر، بل مثل سحابة وكوكب عابراً يضيء ولا يعرف مستقراً لمكان؟ لماذا البعض لا يقبل ولا يحتمل أن يكون عادياً في سكب حروفه وطريقة كتابته ونشيده؟ لماذا تأتي بعض الكتابات مثل التراتيل والغناء والنشيد والشعر؟ هل هنا يسكن حكيم ليصيغ المعاني والحروف والكلمات وهناك يسكن مهرج ومتزلف ومداهن وباحث عن ساحة يكون فيها صانع المتعة والفرجة؟!
بعض الكتابات تشعرك بأن الكلمات والمعاني تخرج من فم وقلم حكيم وتحتاج إلى جهد كبير لتصل إلى المعاني والمغزى والقصد من فكرة الكتابة والموضوع، قد تصل أو تظل تحوم حول ما يمكن أن يعنيه الحكيم، إن وصلت إلى الغاية والهدف من ما تم تسطيره فهي غاية ذلك الكاتب وأمله وإن لم تصل إلى كل الغاية، فأنت مكسب لقارئ سوف يصل يوماً إلى ما قاله المطر للأرض وسوف تزهر بعد أن تكبر شجرة الوعي في داخلك وتتوالد أشجار خضراء فيما بعد ليعم الاخضرار وعندها سيكون الحكيم الذي أسقاها بذرته مع حبّات المطر قد أنبت مساحات كبيرة في الأرض القاحلة أو شبه القاحلة.
كتابات بعضهم أمطار تهطل بين حين وآخر، جميلة ومفرحة بها أحلام كثيرة وآمال كبيرة تزيد من جمال المعرفة عن ذلك المدرك لأهمية الكاتب والكتابات الحالمة، وهي طريق وإضاءة للجدد الباحثين عن الدروب المضيئة والجديدة في غابات الكلام وضجيج العارفين لكل شيء! مهما كان شيئاً وزائلاً بكل تأكيد بحكم صيرورة التحول، الحياة نشيد تقودها رؤية من يسكن عين الشمس والنجوم.
تستوقفني دائماً كتابة وما يسطره الصديق العزيز عادل خزام صديق قديم وجميل في كل أحرفه ورؤياه في كيفية تناول الموضوعات، كاتب يميل إلى فلسفة خاصة به وحكمة في إدارة مضامين ما يطرقه من موضوعات، كتابة شعرية أو حتى في مقالاته المختلفة، يحتاج إلى عناية خاصة للوصول إلى مقاصد الكتابة وأهدافها وقد تصل معه إلى المعاني المراد طرحها، أو أنك تخرج رائجاً بكتابة جميلة وحروف بديعة.
التقيته يوماً مع أجمل الأصدقاء كانوا يلعبون النرد بالنجوم وحبات المطر وموسيقى الحياة المرتحلة خلف الريح، شهد على ذلك جبل علي بروعة حضوره المسائي، كان الفنان المرحوم حسن شريف يرسم لوحة على صفحة سحابة وعادل خزام يكتب أشعاره البديعة ومحمد المزروعي يغني للحياة، تمضي الحياة ويظل عادل خزام نجماً وحكيماً فيما يسطره.