منذ مارس 2020 والحكومات حول العالم تكافح لمواجهة تحدي إجراء انتخابات في زمن الجائحة. وحسب تقرير «المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية»، فإن 78 بلداً على الأقل قامت بإرجاء الانتخابات بين مارس 2020 ويونيو 2021، بما في ذلك 14 بلداً في أفريقيا. هذا في حين مضت بلدان أخرى قدماً في تنظيم الانتخابات في موعدها، ولكنها اتخذت تدابير احترازية إضافية، مثل الحد من حجم التجمعات الانتخابية وفرض احترام التباعد الاجتماعي في مكاتب الاقتراع. 
وهنا حيث تغدو الأمور شائكة، كما يقول خبراء، وذلك لأن الأنواع نفسها من التدابير التي تحمي الصحة العامة تجعل أيضاً من الصعب على مرشحي المعارضة بشكل خاص إيصال رسالتهم إلى الناخبين، الأمر الذي قد يؤثر على نسبة المشاركة والنتائج. كما أن الخط بين التخوف المشروع على الصحة العامة والسياسيين الذين يحاولون ترجيح التصويت لصالحهم قد يكون ضبابياً في كثير من الأحيان. 
وفي هذا الصدد، تقول لورا ميتي، وهي ناشطة في المجتمع المدني في زامبيا: «إن قيود كوفيد- 19 شكّلت هدية لدكتاتوريي العالم، هدية تلقوها بأذرع مفتوحة». 
في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث العديد من الديمقراطيات فتية وهشة أصلاً، يُعتبر خطر تزعزع الاستقرار المرتبط بانتخابات غير متوازنة مرتفعا بشكل خاص. وكانت منظمة «فريدم هاوس» أفادت في أواخر 2020 بأن حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان تدهورت في أكثر من 24 بلدا أفريقيا منذ بداية الوباء، ضمن «أزمة للديمقراطية حول العالم» سبَّبها كوفيدـ 19. 
وقد كانت زامبياً واحداً من تلك البلدان، وهي بلد يحيط به البر من كل الجهات يقع جنوب القارة ويبلغ عدد سكانه 18 مليون نسمة. فقد حظر الرئيس لونجو تجمعات الحملة الانتخابية، على اعتبار أن الرئيس واصل جذب حشود أنصاره إلى فعاليات صوّرت على أن الغرض منها هو توزيع الكمامات، ملتفاً بذلك على الحظر. 
ومنذ ذلك الحين، فرقت الشرطة التجمعات التي نظمها منافس «لونجو» الرئيسي، هاكايندي هيشيليما، باستخدام الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. 
غير أنه إذا كانت بعض القيود على التجمعات العامة والتنقل مبررة من أجل الحد من انتشار كوفيد -19، فإن خبراء يقولون إنها تجاوزت الحدود إلى خنق العملية الديمقراطية. وفي هذا السياق، تقول «ميتي»، التي تدير منظمة غير حكومية في لوساكا تسمى «التحالف من أجل العمل المجتمعي»: «الحقيقة هي أنه لو كان الأمر يتعلق حقا بكوفيدـ 19، لكانت لديك منصات بديلة متاحة للجميع، بشكل متساو»، مضيفة «وما كانت القواعد لتطبق على طرف واحد فقط». 
مشاهد مماثلة حدثت في انتخابات أخرى عبر المنطقة منذ بداية الوباء. فالعام الماضي، أرجأت إثيوبيا انتخابات وطنية لأكثر من عام، إلى يونيو 2021، وذلك بسبب ما قالت إنها تخوفات تتعلق بالصحة العامة على خلفية وباء كوفيدـ 19. قرار قوبل بمعارضة الكثيرين في المعارضة، وقررت على إثره منطقة تيغراي تجاهل الحكومة الوطنية وإجراء انتخاباتها المحلية على كل حال.
وهذا ساهم بدوره في إشعال نزاع بين تيغراي والحكومة الوطنية ما انفك يتصاعد منذ ذلك حتى تطوّر إلى حرب أهلية. 
وفي غضون ذلك، قتلت قوات الأمن في أوغندا أكثر من 50 شخصاً في نوفمبر الماضي خلال احتجاجات اندلعت على إثر توقيف مرشح المعارضة «بوبي واين» بسبب انتهاكه قواعد كوفيدـ 19 بخصوص حجم التجمع. وخسر واين الانتخابات في يناير أمام الرئيس «يويري موسيفيني»، الذي فاز بولاية سادسة. وخلال انتخابات بوروندي العام الماضي، كشفت الحكومة عن شرط مفاجئ في اللحظة الأخيرة بخصوص المراقبين الإقليميين للانتخابات يتمثل في ضرورة أن يخضعوا لفترة حجر صحي لـ14 يوماً، ما ضمن فعلياً عدم حضور أي منهم يوم الاقتراع.
وبالعودة إلى زامبيا، فإن الانتخابات أجريت في موعدها يوم الخميس تحت قيود كوفيد- 19، التي يقول مراقبون إنها يمكن أن تشكّل العامل الحاسم في ترجيح الانتخابات لصالح الرئيس المنتهية ولايته. ولكن العديد من المراقبين يعتقدون أن الطرق التي قارب بها لونجو الانتخابات – بما في ذلك فرض قيود مرتبطة بكوفيد- 19 ستكون كافية لترجيح النتائج لصالحه. 
وفي حال لم يفز أي مرشح بأكثر من 50% من الأصوات المدلى بها هذا الأسبوع، سيتعين إجراء جولة إعادة في غضون 37 يوماً، غير أن المرشحين سيواجهون مع ذلك قيوداً على التجمعات العامة. وهذا قد يكون كافياً لإعادة «لونجو» إلى السلطة من أجل ولاية أخرى، كما يقول محللون. 

لينورا براون
كاتبة متخصصة في الشؤون الأفريقية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»