قبل عشر سنوات، انتقد عضو مجلس الشيوخ «الجمهوري» راند بول تضارب المصالح المالية الذي تعاني منه واشنطن، وقال: «لا ينبغي للناس الاستفادة من عملهم في الحكومة، ولا من العلاقات الخاصة، ولا من المعرفة الخاصة التي يكتسبونها من عملهم في خدمة الناس».
وقد أعرب بول عن أفكاره بينما كان مجلس الشيوخ يناقش التشريع الذي أصبح قانون الأسهم لعام 2012، والذي منع أصحاب المناصب والموظفين الفيدراليين من «تحقيق مكاسب خاصة من أي معلومات غير عامة مستمدة من مناصبهم». كان القانون يهدف إلى الحد من تداول الأسهم من قبل المسؤولين الحكوميين، حيث كانت هذه الممارسة متفشية في الكونجرس، لكن لا أحد أخذ القانون الجديد على محمل الجد، بما في ذلك، ربما، بول نفسه.
وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» أن بول كشف يوم الأربعاء أن زوجته اشترت أسهماً في شركة جيلياد ساينسز، الشركة المصنعة لعقارٍ تم وصفه على أنه علاج محتمل لـ«كوفيد-19»، وذلك في 26 فبراير 2020، «قبل أن يدرك الجمهور التهديد الذي يشكله فيروس كورونا وقبل أن تصنفه منظمة الصحة العالمية على أنه جائحة». ويذكر أن بول عضو في لجنة مجلس الشيوخ للصحة والتعليم التي أطلعتها إدارة ترامب بشأن فيروس كورونا في يناير 2020.
وقد كشف بول عن شراء الأسهم بعد 16 شهراً من انقضاء الموعد النهائي لتقديم تقرير مدته 45 يوماً يفيد ذلك بموجب قانون الأسهم. وقالت المتحدثة باسمه إنه قد أعد الإفصاح العام الماضي لكنه علم مؤخراً أنه لم يتم تقديمه. وأضافت أن «كيلي»، زوجة بول، خسرت أموالاً في الاستثمار الذي تراوح في البداية بين 1000 و15000 دولار.
وما تزال التفاصيل غامضة، لكن الواضح تماماً هو أن الصراعات المالية ما زالت حية في واشنطن وأن العلاج لا يزال بعيداً عن المشرعين. وأشار والتر شاوب، المدير السابق لمكتب الأخلاقيات الحكومية الأميركي، إلى أن هناك حلاً واضحاً: «لا ينبغي السماح لأعضاء الكونجرس بشراء الأسهم وبيعها».
وربما يتمكن عقار ريمديسفير، الذي تصنعه شركة جيلياد، من تحقيق رواج. في مايو 2020، وافقت إدارة الغذاء والدواء على استخدامه في حالات الطوارئ، وبعد خمسة أشهر أقرته بشكل كامل. وتم طمسه في النهاية بظهور اللقاحات الجديدة. لكن في 24 فبراير 2020، أي قبل يومين من شراء كيلي لأسهم جيلياد، أشاد مسؤول في منظمة الصحة العالمية بعقار ريمديسفير باعتباره علاجاً لفيروس كورونا.
ومن غير الواضح إلى أي مدى كان بول يعتبر «كوفيد-19» تهديداً في أوائل عام 2020، أو ما علمه من البيت الأبيض أو غيره من المطلعين عليه في ذلك الوقت. فهو لم يتطرق إلى الفيروس على الإطلاق في حسابه على «تويتر» خلال فبراير 2020، الشهر الذي اشترت فيه زوجته الأسهم. وفي 20 مارس، أشاد «ببراعة» الشركة في المعركة ضد الفيروس، وأثنى على شركة نوفارتيس انترناشونال، وميلان، وتيفا لصناعة الأدوية لزيادة أقراص هيدروكسي كلوركين التي وصفها ترامب بأنها علاج لفيروس كورونا. وبعد يومين كشف بول عن إصابته بـ«كوفيد-19».
كل ذلك يجب إدراجه في تحقيق الكونجرس بشأن التداول الذي قام به بول. لكن المشكلة الأساسية تتعلق بالحزبين وتتجاوز بكثير عضو مجلس الشيوخ هذا. ففي عام 2019، أقر النائب السابق كريس كولينز بالاحتيال في تداول الأوراق المالية أثناء التحقيق معه في هذا الشأن. وعفا عنه ترامب في عام 2020، بعد شهرين من بدء عقوبة بالسجن. وتم التحقيق مع أربعة أعضاء في مجلس الشيوخ، هم كيلي لوفلر وجيمس إنهوف وديان فاينشتاين وريتشارد بور، لكن لم يتم توجيه أي تهمة لهم بشأن التداول الداخلي المحتمل المرتبط بالاستثمارات، بعد أن تلقوا إحاطة بشأن فيروس كورونا في أوائل 2020.
ومن المؤكد أن قانون الأسهم قلّص العديد من الانتهاكات، وبعد سنه تراجعت المكاسب الأضخم التي كان يتمتع بها المشرعون الفيدراليون ذات يوم من الأسهم التي يمتلكونها. لكن كما يشير زميلي آرون براون، فإن «السلوك السيء لا يختفي عندما يتم حظره، إنه يتغير فقط».
في مايو الماضي، قال النائب توم مالينوفسكي: إنه فشل في الكشف عما تصل قيمته إلى مليون دولار من صفقات الأسهم الطبية والتكنولوجية للشركات المنخرطة في الاستجابة للوباء. إن قانون الأسهم بحاجة إلى تعزيزه بشكل كبير أو استبداله بمبادئ توجيهية شاملة، وقد قدم عدد من السياسيين تشريعات للقيام بذلك.
لا يهم في النهاية ما إذا كانت كيلي بول قد خسرت أموالاً في تداول أسهم جيلياد. فمن المفترض أنها استثمرت في الشركة لأنها كانت تعتقد أنها ستعمل بشكل جيد. هل تحدثت مع زوجها عن الاستثمار؟ وهل تقاسم معها المعلومات التي حصل عليها من جلسات إحاطة خاصة بـ«كوفيد-19»؟ بصرف النظر عن هذه الأسئلة، هل يجب أن تستثمر عائلة بول في الشركات الطبية عندما يكون السيناتور عضواً في لجنة مهمة لها تأثير على الصناعة؟
بالطبع لا. ولكن حتى يتم تشديد المبادئ التوجيهية الأخلاقية والقانونية حول الأنشطة المالية في واشنطن، قد لا يعمل القادة الفيدراليون بجد لطرح مثل هذه الأسئلة على أنفسهم.

تيموثي أوبراين

كاتب أميركي 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»