منذ فترة الصبا والشباب وحتى اليوم وأنا حريص على ممارسة الرياضة، ومن بين الرياضات التي تستهويني ركوب الخيل باعتبارها أحد أهم الرياضات التقليدية، ومع ذلك قد أقول رأيي وأعبر عن شعوري تجاه رياضة أخرى، أو لاعب ما، أو حتى تجاه فوز فريق أو خسارته، كالخسارة التي جعلتني أعيش حالة إحباط بعد أولمبياد طوكيو التي اختتمت فعالياتها يوم 8 أغسطس الجاري، ولم يحقق أي لاعب إماراتي ولو إنجازاً واحداً يعكس عطاء الدولة قيادة وحكومة، والرعاية اللامحدودة لمختلف الألعاب الرياضية الجماعية والفردية على حد سواء.
المشجعون الإماراتيون عبروا عن غضبهم من لاعبينا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأنهم كانوا يريدون أن يفرحوا برفع العَلَم الإماراتي في سماء طوكيو الأمر الذي لم يتحقق.
وبينما فاز لاعبو عدة دول ممن شاركوا في الأولمبياد وحققوا نتائج مبهرة على الرغم من ضعف الإمكانات المقدمة لهم، لم يحرز لاعبونا - وهم الذين يحصلون على رعاية قلّ نظيرها - أي ميدالية. فها هي سان مارينو التي لا يتجاوز عدد سكانها 35 ألف نسمة تحصد 3 ميداليات مع العلم أن عدد اللاعبين الذين شاركوا منها في الأولمبياد خمسة، ودول أخرى سواها فازت بعدة ميداليات في رياضات مختلفة رغم أن ما تمنحه من دعم وسند ورعاية للاعبيها لا يقارن أبداً مع ما تقدمه دولتنا لرياضييها، ولا مع ما تضعه تحت تصرفهم من أحدث الوسائل والتجهيزات، والإمكانات المادية والمعنوية، وكذلك مختلف الفرص التدريبية في الداخل والخارج، وكل ما يحتاجونه كي يصبحوا أبطالاً.
كلنا يعلم ما يمثله الشباب بالنسبة لقيادتنا التي لا تنفك عن دعمهم وفتح الأبواب الموصدة أمامهم ليكونوا في المقدمة مع أقرانهم من الشباب العربي والدولي المتميز، لكن العثرة في هذه المرة كانت مؤلمة لأننا وبعد عشر مشاركات في أولمبيادات لم نضف إلى رصيدنا ميداليات جديدة، وكل ما لدينا حتى اليوم ذهبية الرماية للشيخ أحمد بن حشر من أولمبياد أثينا 2004، وبرونزية الجودو لسيرغي توما من دورة ريو دي جانيرو 2016، على الرغم من مشاركة الإمارات للمرة العاشرة في أولمبياد دولي في طوكيو.
تشخيص الداء هو أول خطوة لوصف الدواء، والمنظومة الرياضية الإماراتية بحاجة إلى إعادة نظر، إن أردنا المنافسة أولمبياً بهدف حصد الميداليات، كما أننا بأمس الحاجة لمشروع وطني لصناعة الأبطال، على أن تكون الرياضة المدرسية هي الأساس، علماً أن الأولمبياد المدرسي عندنا لم يحقق النتائج المرجوة منه لأن آلية عمله ليست فعالة. فإذا أردنا صناعة بطل لأولمبياد باريس 2024 على المؤسسة الرياضية العمل بدءاً من اليوم وليس غداً. فلم يعد ممكناً سماع نفس المبررات والحجج الواهية، ومثلما هو من حق الأطفال والناشئة والشباب أن يكونوا أبطالاً، كذلك من حق الجمهور أن يفرح بحصد لاعب إماراتي ميدالية ذهبية أو فضية أو برونزية، المهم أن تحصد الإمارات ثمار عملها.
كفانا كلاماً لا يسمن ولا يغني ولا يصنع أو يجلب ميدالية، لا بد من معالجة الواقع الرياضي بما يتناسب مع اسم وسمعة ومكانة الإمارات التي يشهد العالم بتطورها وتقدمها في غالبية مجالات الحياة، دولتنا التي وضعت ثقتها في أطفالها وناشئتها، وكذلك في شبابها الذين خاطبهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بمناسبة اليوم العالمي للشباب حين أكد لهم أن الإمارات ستبقى الدولة الحاضنة لأحلامهم وطموحاتهم، والمنصة الأهم لإطلاق قدراتهم، وأنها تفخر وتعتز بأبنائها وتثق في قدرتهم على العطاء والابتكار وتجاوز التحديات ومواصلة المسيرة نحو مستقبل أكثر تقدماً وإشراقاً.