الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«الإخوان» في أوروبا.. أخطر من «القاعدة» و«داعش»

«الإخوان» في أوروبا.. أخطر من «القاعدة» و«داعش»
15 أغسطس 2021 01:47

أحمد عاطف وشعبان بلال (القاهرة)

توغل التنظيم الدولي لـ«الإخوان» على مدار أكثر من 6 عقود داخل أوروبا والولايات المتحدة، وسعى لاستغلال وجوده المشبوه في نشر الشائعات والفوضى، خاصة بعد اندلاع ما يسمّى «الربيع العربي» عام 2011. لكن خلال السنوات الأخيرة بدأ المجتمع الأوروبي يكشف زيف الجماعة واستغلالها، والدفع بقرارات حظر ضدها لارتباط أفكارها بعمليات إرهابية. 
وتعتمد «الإخوان» في تعزيز انتشارها على ما يعرف باسم «التنظيم الدولي»، للتروّيج لأفكارها وأيديولوجياتها وخدمة مشروعها السياسي. وتكشف وثائق تمددها عالمياً في أكثر من 70 دولة في سعيها إلى نشر أيديولوجية لا تحترم أي سيادة، ولا تقر بأي خصوصية، وأن الهدف الأساسي للجماعة هو تطبيق الشريعة في الولايات المتحدة، تمهيداً لإقامة الخلافة الإسلامية العالمية، والتغلغل في المجتمعات الأوروبية عبر تأسيس ما يُشبه «الغيتوهات أو المجتمعات المغلقة»، والسيطرة على العديد من المراكز الثقافية والجمعيات الخيرية. وتسعى الجماعة إلى استغلال الشرائح الاجتماعية الفقيرة، والتوغل في النسيج الاجتماعي لأي دولة، إلى جانب تعزيز قوتها المالية من خلال إنشاء مئات المؤسسات في العالم. وأظهرت دراسة جديدة لمركز «تريندز» أن وجود الجماعة في أوروبا منذ الخمسينيات لم يمنع ارتباطها بجمهور معين في الشرق الأوسط، إذ تتواصل قواعد «الإخوان» في ألمانيا مع الجماعة في تركيا وسوريا، بينما تعمل «الإخوان» في بريطانيا مع عناصرها في العراق ومصر وغزة، وترتبط الجماعة في فرنسا بالأحزاب في الجزائر وتونس.

التخفي والمناورة
ويقر الدكتور وائل صالح، أستاذ مشارك بمعهد مونتريال للدراسات الدولية بجامعة كيبك الكندية، أن الجماعة أظهرت قدرة على التخفي والمناورة واللعب على تناقض المصالح الإقليمية والدولية واستثمار الثغرات القانونية ليس للحفاظ على الكثير من أصولها الاقتصادية فقط، وإنما لتنميتها ورفع قيمتها أيضاً، خصوصاً في الدول التي لم تصنفها بعد كمنظمة إرهابية. وتؤكد إيرينا تسوكرمان، المستشارة لدى منظمة العدل الدولية، أنه بالنظر إلى وجود دول توفر للجماعة الملاذ الآمن الذي تستخدمه لحماية أموالها وتنميتها، هناك الكثير من المنظمات والمؤسسات الاقتصادية للجماعة في دول أوروبية تعمل بحرية من دون أي رقابة حكومية أو تدقيق مالي في أعمالها. ويقول نور داهري، المدير التنفيذي لمركز الثيولوجيا الإسلامية لمكافحة الإرهاب بالمملكة المتحدة «إن الإخوان عملت على بناء شبكات أعمال قوية في بريطانيا من خلال الاستثمار في العقارات والأعمال التجارية.

خلايا سرطانية
ويشبه خبراء، تنظيم الإخوان في أوروبا بـ«الخلايا السرطانية»، ولذلك لجأت بعض الدول، وعلى رأسها النمسا وألمانيا وبلجيكا إلى التشديد على ضرورة القضاء على فكر الجماعة لأنه الأخطر. ويقول الدكتور رمضان أبو جزر، مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث «إن تنظيم الإخوان قديم في أوروبا، ولم يكن مؤثراً، لكن في الفترة الأخيرة بعد تفجيرات بروكسل وباريس ومدريد تنبهت بعض الأجهزة الأمنية بأن هناك يداً لثقافة الإخوان في نشأة معظم منظمي هذه العمليات، وإن كانوا ينتمون إلى تنظيمات إرهابية أخرى».
ويضيف أبو جزر لـ «الاتحاد» أن ذلك دفع الأجهزة الأمنية والسياسية في أوروبا إلى التفكير بتأثير هذه الجماعة على التنظيمات الإرهابية. ويلفت إلى أنه خلال السنوات الأخيرة أصبحت مقرات الإخوان في أوروبا منصات للهجوم على دول بعينها، وأصبحت تُشكل خطراً على الديمقراطية في أوروبا نفسها. ويضيف أن ذلك نبه المجتمع الأوروبي، ولاحقاً البرلمان الأوروبي الذي طالب بتصنيف الإخوان ووضعهم على قائمة الإرهاب بعدما ثبت تورطهم في وضع سيناريوهات انقلاب. موضحاً أنه في مايو الماضي توصل البرلمان النمساوي لنفس النتيجة بأن الإخوان تمثل خطراً على الأمن والاستقرار، وكذلك ألمانيا التي ثبت لها أن الجماعة لديها توجهات ونوايا غير سليمة. ويرى أبو جزر أن تلك العوامل حولت المزاج الشعبي الأوروبي وأصبحت الأجهزة السيادية لا تثق في عمل«الإخوان» وروايتها، خاصة أن المئات من الشبان الذين غادروا إلى الحرب في سوريا والعراق تحت راية داعش والنصرة، قد تلقوا الدعم والتأطير من جمعيات تديرها شخصيات إخوانية.

أسماء وهمية
وحسب أبوجزر فإن«الإخوان» لجأت إلى التواجد في أوروبا بأسماء جمعيات ومؤسسات غير عربية، تفادياً لعمليات الحظر، لكن بعد فترة يسهل كشف هذه الجمعيات من خلال الأجهزة الأمنية، وشدد على ضرورة القضاء على فكر الإخوان لأنه الأخطر، فهو عابر للحدود ولا يحترم الديمقراطية ولا حقوق الإنسان. ويشير إلى أن معظم الدول الأوروبية أصبحت الآن تصنف تنظيم الإخوان بأنه غير مرغوب به، وهناك بعض الدول وضعته على القوائم السوداء، لافتاً إلى أن البرلمان الفيدرالي البلجيكي على أبواب اتخاذ قرار بوضع الإخوان على قوائم الإرهاب وسوف يكون ملزماً حتى للحكومة.

أسوأ تيارات اليمين المتطرف في الولايات المتحدة
في أميركا،«الإخوان» موجودة منذ فترة طويلة، تنشط بشكل مباشر لدعم الكثير من الحركات المتطرفة في الشرق الأوسط، وفق عهد الهندي المحلل السياسي والأمني في واشنطن الذي أوضح لـ«الاتحاد»، أن ما كشف زيف«الإخوان» هو غباء الطرح، الذي يكون ليبرالياً معتدلاً في خطاباتها باللغة الإنجليزية، لكن منشوراتها باللغة العربية تكون مليئة بالتناقض والعنف والتطرف والإرهاب.  وشدد على أن هذه التناقضات كشفت هذه المجموعات وزيفها في سياسة الوجهين. وقال «إن الإخوان استطاعت خداع المجتمع الأميركي، خاصة التيارات الليبرالية واليسارية لفترات طويلة، لكن اليوم تُدرك هذه التيارات أن الإخوان أسوأ تيارات اليمين المتطرف في الولايات المتحدة». ويوضح نيكولاس رايدر، بروفيسور في دراسة الجريمة المالية جامعة غرب المملكة المتحدة أن مساعي وضع جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب الأميركية نشطت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، لكنها لم تكتمل، بسبب الإجراءات السياسية والبيروقراطية المعقدة التي حالت دون ذلك.

خطوات ضرورية
حظر البرلمان النمساوي، في يوليو الماضي، جماعة الإخوان ومنعها من ممارسة أي عمل سياسي. وفي ألمانيا، قال حسين خضر، المحلل السياسي ونائب رئيس مجلس الإدارة الاتحادي للهجرة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لـ«الاتحاد»، إن أوروبا أدركت حقيقة الجماعة ومحاولاتها لكسب الاستعطاف والعمل على وصولها للسلطة، مستشهداً بحديث أحد المسؤولين في أجهزة المخابرات التي أكد فيها أن انتشار الإخوان في المجتمع مثل الخلايا السرطانية. وأوضح خضر أن أوروبا ترى الآن«الإخوان»أخطر من«القاعدة» و«داعش»، لأنهما عدو محدد القوة والمكان والعتاد لكن الجماعة تنتشر في الخفاء ولا تظهر إلا عندما تتمكن، مؤكداً أن هناك حركة من الوعي في المؤسسات الأوروبية الأمنية والاجتماعية والسياسية وجدت أن هذه الجماعة تسببت في نشر التطرف، مستخدمة في ذلك المواد القانونية التي تنظم عمل الجمعيات الأهلية وحرية ممارسة العقيدة والتعبير. 
لكنه أقر بأنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الخطوات للتضييق ومنع تحركات الإخوان في الدول الأوروبية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©