الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الفرجان.. «الظاهر» مـرآة لملامح حتا

الفرجان.. «الظاهر» مـرآة لملامح حتا
13 أغسطس 2021 01:30

خولة علي (دبي)

الفريج محيط اجتماعي متماسك ومترابط، تحكمه قيم وثقافة أهله، فهما النهج الذي يرتوي منه، لتتجلى تفاصيل العلاقات الاجتماعية السائدة في هذه الفرجان المنتشرة في كل منطقة ومدينة، باختلاف مواقعها وتضاريسها، وهي صورة مصغرة تعبر عن مدى ارتباط الإنسان بمحيطة وتفاعله معه.. وهذا ما يتضح في فريج الظاهر الواقع على مرتفع جبلي من جبال منطقة حتا التي اشتهرت بخصوبة أراضيها، وتوفر المياه، حيث تجري الوديان من أعالي الجبال، لتروي المزارع التي اعتمد عليها الأهالي كمصدر لرزقهم وتجارتهم مع المناطق المجاورة.

بيـوت العرشان
يسترجع حمد سلطان البدواوي الباحث التاريخي مرحلة من حياة أهالي فريج الظاهر، حيث بساطة الحياة فيه، بقوله: كان الفريج أو ما يسمى بعض المناطق (الحي) يتكون من عدد بسيط من بيوت العرشان والخيام، موزعة بالقرب من بضعها البعض.. ومنها فريج الظاهر الذي يقع على مرتفع جبلي حماية لهم ضد خطر الحيوانات والزواحف، حيث كانت البيوت موزعة على سفوح الجبال، في حين المزارع تقع في أسفل المنحدر، فكانت حركة الأهالي نحو عملهم الشاق والمنهك في المزارع نزولاً وصعوداً، نظراً لأن طبيعة الأرض الخصبة، وتوفر المياه فيها، جعلاهم يتجهون نحو زراعة الأرض وتربية المواشي والدواجن، مشيراً إلى أن الكل كان يعمل خلال فترة الحصاد من كبار وصغار، فقد تعلم الكثير من الأهل قديماً كل ما يتعلق بالزراعة، وكان الصغار يتسابقون في تسلق النخلة وخرفها، وجني المحاصيل.

تكاتف الأهل
ومن الأحداث التي يذكرها البدواوي في طفولته: تعرض منزلنا للحريق، فقد كان عبارة عن عرشان وخيام، ولقد نال الحريق سكن العائلة بشكل كامل، لكن الجميل في الأمر هو تكاتف أهل الفريج في إعادة بناء المنزل من جديد، فالكل كان يعمل على قدم وساق لمدة ثلاثة أيام حتى اكتمل بناء المسكن تماماً. وأضاف: نلمس من ذلك روح التعاون والترابط بين أبناء الفريج، فالكل كان يخدم ويساهم وفق استطاعته، فمنهم من قدم «المير»، أي المواد الغذائية وآخر تبرع بالملابس، ومنهم من بذل جهداً في البناء والتشييد، هذه الروح السامية المحبة أبت إلا أن تبذل ما في وسعها كي تظهر معنى الأخوة ومفهوم التكافل الاجتماعي.

الخصوصية
وقال البدواوي: الجميل أيضاً عندما نرى توافد أهل الساحل في المقيظ، هرباً من وطأة الحر صيفاً، وبحثاً عن أجواء لطيفة في حتا، مع غنى المزارع بثمار الرطب والحمضيات والكثير من أنواع الفواكه، فيبدأ أهالي الفريج بتشييد العرشان لهم في بعض الأماكن القريبة من المزارع والوديان، والبعض منهم يستظل تحت النخلة أو شجرة ما، ويحوطها بخوص النخل، حتى لا تنفذ أشعة الشمس ولفرض مزيد من الخصوصية على ساكنيه.. وما إن تنقضي فترة المقيظ حتى يبدأ الاستعداد للعودة محملين بالفواكه وحبوب الدخن والسمن وغيرها من المنتجات التي تشتهر بها مزارع حتا.  ويشير البدواوي إلى أن العمل يقوم به الكبار ويتعاون الصغار معهم في أعمال المزرعة، من قطف الثمار، وعمل مدلوج التمر، للحصول على دبس التمر.. وكانت الأمهات يطحن حبوب الدخن لصناعة الخبز. ويذكر أن والدته، رحمة الله عليها، كانت تخبز بمشاركة الجيران أيضاً، إلى جانب صناعة اللبن والسمن من حليب الماعز والبقر.وختم كلامه: على الرغم من صعوبة الحياة وقسوتها إلا أننا تعلمنا منها الكثير من أمور الحياة التي يجهلها بعض أبناء الجيل الحالي. وأوضح البدواوي أن البيئة علمتنا مفهوم العمل وأهمية الأرض التي أعطيناها الاهتمام وبدورها منحتنا الخيرات، فكنا نأخذ حاجتنا وما يزيد نورده للمناطق المجاورة، فلمسنا قوة أهالي حتا الذين حفروا في الصخر، وحولوا صلابة الأرض وقسوتها إلى بساتين خضراء نراها ماثلة أمام الأجيال، لتخبرهم عن كفاح الأهالي وما حققوه من إنجاز بتطويع المصادر الطبيعية إلى ملاذ آمن لهم.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©