هكذا نحن بعد كل مشاركة أولمبية أو خلافها، نتفنن في إيجاد المبررات لإخفاقاتنا، بإلقاء اللوم على المنظومة الرياضية بقطاعيها الحكومي والأهلي، ونبرئ أنفسنا من مسؤولية الإخفاق، وكأننا من كوكب آخر تسلمنا راية المشاركة، بقرار لم نشارك في اتخاذه، ولا نتحمل تبعاته السلبية، ونتباهى إن تحقق لنا الإعجاز، وكأننا صانعوه، في رحلة إعداد لم يتجاوز الشهر، وبميزانية متواضعة نخجل من ذكرها إن أخفقنا، ونتباهى بها إن حالفنا الحظ في أي بطولة مهما كانت إقليمية أو قارية، لا فرق بين مستواها وحدودها.
وبإسدال الستار عن أولمبياد طوكيو يوم أمس الأول، والنتائج المتوقعة، سارع المحللون ومعهم الإداريون في الاتحادات المشاركة بالتراشق فيما بينهم، وإلقاء اللائمة على المسؤولين في مختلف مواقعهم، وتبرئة أنفسهم، وكأنهم ليسوا جزءاً من المنظومة ولا يتحملون تبعاتها، وكأن السنوات الأربع التي قضوها في إدارة اللعبة أو أكثر لا تعني لهم شيئاً، فهم جاؤوا لجني ثمار المشاركة إن كانت إيجابية، وتحميلها لمن سبقوهم حتى بدورتين والقائمين على الشأن الرياضي الحكومي والأهلي.
دعونا من التراشق وإلقاء اللائمة على الأطراف الأخرى، فالوقت يمضي سريعاً، والأولمبياد القادمة على بعد مرمى من الحالية، والتناغم بين القطاعين الأهلي والحكومي في أوج قمته، ويجب العمل سوياً لتجاوز كبواتنا في القادمة، رغم أنها ليست بالسهلة كما نتوقعها، إلا إذا توفرت الإرادة الحقيقية، في ظل أجواء إيجابية من العمل المشترك، وبدعم القطاعات الأخرى، وتحديداً القطاع الخاص الذي يجب عليه المساهمة، أسوة بما هو في الدول الأخرى، فلم تعد الحكومات هي المعنية بصناعة الأبطال، وإنما كافة القطاعات المجتمعية.. واتفاقية رعاية أدنوك لدوري المحترفين اعتباراً من الموسم القادم خطوة على طريق الشراكة المجتمعية بين القطاعات المختلفة، كما سبقها قطاع الاتصالات، وغيرها من الرعايات الأخرى لكرتنا ورياضتنا.
فكما يقولون لا ينفع البكاء على اللبن المسكوب، وإنما بالعمل الدؤوب من الجميع والتعاقدات الفنية التي تستطيع تحقيق حلم التأهل بالأرقام لا بالدعوات، كما في مشاركاتنا السابقة والأخيرة تحديداً، ولا نكون متفائلين بالمشاركة الشرفية في تحقيق إنجاز يوازي إنجازات الأبطال الحقيقيين والمتأهلين بجدارة واستحقاق.
فإن كان أعضاء اللجنة الأولمبية أيقنوا مصير مشاركتنا بعدم مرافقتهم للبعثة، فكيف لنا أن يحلم الشارع الرياضي بغير ذلك؟! فلتكن أولمبياد طوكيو دروساً وعبراً لأولمبياد باريس 2024.