في تاريخ الشعوب أيام سُطرت بحروف من ذهب ونور في الذاكرة والوجدان، تعد محطة مفصلية لمسيرتها ونقطة انطلاق ثابتة لبناء حاضر ومستقبل تفاخر به بين الأمم، وسيظل يوم السادس من أغسطس 1966 محفوراً في قلوب أبناء الإمارات مهما تقادمت السنون وتعاقبت الأيام والليالي، ففيه وُضع الأساس المتين والقواعد الصلبة لكل إنجازات ومكتسبات الحاضر وغُرست مداميك الاطمئنان للمستقبل الزاهي الواعد.
في ذلك اليوم منذ 55 عاماً خلت تقلد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي، ليبدأ رحلة تحقيق حلم انبلج من فجر اليوم المجيد، لتشرق على هذه الأرض الطيبة قبسات من نور الحكمة وعظمة الإرادة في تجميع الكلمة وجمع شتات وطن ممزق، وبناء هذه الواحة الغناء الوارفة الظلال التي قدمت للعالم أعظم تجربة وحدوية في التاريخ الحديث وأروع تجربة تنموية قضت على عقود الحرمان والمعاناة لتجعل من إنسان الإمارات أحد أسعد شعوب الأرض قاطبة، وأنموذجاً فريداً في البناء والتواصل الحضاري انطلاقاً من قيم التسامح والتعايش ونشر السلام التي آمن بها المؤسس مبكراً وجعل منها بوصلة وخريطة طريق للاسترشاد.
التجربة الإماراتية المتفردة لم تكن رحلة مفروشة بالورد، وهي تنطلق في ظل ظروف وتحديات جمة داخلية وإقليمية ودولية، ولكنها إرادة الرجال الذين قادهم زايد بحكمته وحنكته وصبره وإيمانه العميق بقدرات شعبه والأرض التي يقف عليها، وأن هذا الوطن الغالي يستحق كل الخير والفرح والرخاء والازدهار، بل وأسعد برؤيته الثاقبة الآخرين من الأشقاء والأصدقاء لقناعته بأن «لا خير في الثروة إن لم تسخر لصالح الإنسان» مما حقق لإمارات زايد الخير مكانة دولية كبيرة ويكون لها دور مؤثر وكلمة مسموعة وثقل ملموس على الساحة الدولية.
 حرص أبناء الإمارات بالأمس على إحياء هذه الذكرى المباركة التي تعبر عن مكانة المغفور له الشيخ زايد الراسخة في القلوب وفي الوجدان والذاكرة الشعبية رغم مضي أكثر من 17عاماً على رحيله عن الدنيا، تاركاً أثره الطيب وسيرته العطرة التي تشهد بها كل حبة رمل على تراب أرض الإمارات الطاهر، ويعبر كذلك عن الوفاء لإرث زايد وقيم الخير والمحبة التي غرسها في النفوس ووضع بها أسس صرح الإمارات الشامخ وجعل منها عاصمة للخير وللإنسانية. حمل إحياء المناسبة العظيمة في القلوب أيضاً عهداً يتجدد بالوفاء والولاء والانتماء لقيم زايد، لتمضي الإمارات زاهية بهية في علياء المجد بقيادة خليفة وإخوانه الميامين.